القدرة والعلم والاختيار ، وهو مذهب الشيخ المفيد أبي عبد الله محمّد بن محمّد بن نعمان (٣) والبلخي وجماعة من معتزلة (٤) البغداديّين.
وقيل : هو معنى في القلب ؛ عن الإسوادي (٥).
وقيل : إنّ الروح الإنسان ، وهي (٦) الحيّ المكلّف ؛ عن ابن الاخشيد والنظّام.
وقال بعض العلماء : إنّ الله تعالى خلق الروح من ستّة أشياء : من جوهر النّور ، والطيب ، والبقاء ، والحياة ، والعلم ، والعلوّ. ألا ترى أنّه ما دام في الجسد كان الجسد نورانيّا يبصر بالعينين ويسمع بالاذنين ويكون طيّبا ، واذا اخرج من الجسد نتن الجسد. ويكون باقيا فإذا فارقة الروح بلي وفني. ويكون حيّا وبخروجه يصير ميّتا. ويكون عالما فإذا (٧) خرج منه الروح لم يعلم شيئا. ويكون علويّا لطيفا توجد به الحياة ، بدلالة قوله تعالى في صفة الشهداء (بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ) (١) وأجسامهم بليت (٨) في التراب». ـ انتهى كلامه (ره).
وقال الشيخ في «الشفاء» (٢) : اختلف (٩) الأوائل في ذلك ، لأنّهم اختلفوا في المسالك إليه ، فمنهم من سلك إلى علم النفس من جهة الحركة ، ومنهم من سلك إليه من جهة الإدراك ، ومنهم من جمع بين المسلكين ، ومنهم من سلك الحياة (١٠) غير مفصّلة.
ومن (١١) سلك منهم جهة الحركة ، فقد كان يخيّل (١٢) عنده أنّ التحريك لا يصدر إلّا عن متحرّك ، وأنّ المحرّك الأوّل يكون لا محالة متحرّكا بذاته ، وكانت النفس محرّكة أوّليّة إليه (١٣) يتراقى التّحريك من الأعضاء والعضل والأعصاب ، فجعل النفس متحرّكة لذاتها ، وجعلها لذلك جوهرا غير مائت ، معتقدا أنّ ما يتحرّك لذاته لا يجوز أن يموت. قال : ولذلك ما كانت الأجسام السماويّة ليست تفسد ، والسبب فيه دوام حركتها.
__________________
(٣) في المصدر : بن النعمان (ره) ...
(٤) المعتزلة ...
(٥) الأسواري ...
(٦) وهي ...
(٧) فإذا ...
(٨) قد بليت ...
(٩) قد اختلف ...
(١٠) طريق الحياة ...
(١١) فمن ...
(١٢) تخيّل ...
(١٣) إليها.
(١) آل عمران / ١٦٩ و١٧٠.
(٢) الشفاء ـ الطبيعيّات ٢ / ١٤ ـ ١٦ ، الفصل الأوّل من المقالة الأولى من الفنّ السادس.