السلام سؤاله ، أنّه إذا عجزت الحواسّ عن إدراكه انتفى ربوبيّته ، وكانت ربوبيّته منكرة.
وحينئذ فقوله عليهالسلام «ويلك لمّا عجزت حواسّك عن إدراكه أنكرت ربوبيّته» بيان لوهمه ومنشأ إنكاره ، وأنّ مبناه على قضيّة شرطيّة متّصلة لزوميّة ، مقدّمها أعني عجز الحواسّ عن إدراكه ، مستلزم في وهمه لتاليها ، أعني نفي الربوبيّة وإنكارها ، حيث إنّه في وهمه مستلزم لنفي الوجود ، المستلزم لنفي الربوبيّة. ويكون قوله عليهالسلام : ونحن إذا عجزت حواسّنا عن إدراكه أيقنّا أنّه ربّنا ، بخلاف شيء من الأشياء ـ على نسخة الكافي ـ أو أيقنّا أنّه ربّنا وأنّه شيء بخلاف الأشياء ـ على نسخة الاحتجاج ـ إبطالا لذلك الوهم ، وردّا لذلك الإنكار ، وبيانا لأنّ عجز الحواسّ عن الإدراك لا ينافي الوجود والربوبيّة ، بل يصحّحهما ويقوّيهما.
فلننظر في كيفيّة دلالة هذا القول من الإمام عليهالسلام على ذلك ، فنقول : إنّ قوله عليهالسلام : ونحن إذا عجزت حواسّنا عن إدراكه أيقنّا أنّه ربّنا ـ إلى آخره ـ لا يخفى أنّه قضيّة شرطيّة متّصلة أيضا ، وليست قضيّة اتّفاقية ، لا علاقة بين مقدّمها وتاليها ، إذ الاتّفاقية هنا لا تؤثّر في إفادة المطلوب شيئا ، بل هي قضيّة متّصلة لعلاقة بينهما ، وما تلك العلاقة إلّا اللزوم بينهما. وحيث كانت لزوميّة ، وجب أن يحكم فيها باللزوم بين مقدّمها وتاليها ، ومقدّمها وإن كان هو عجز الحواسّ عن إدراكه ، لكنّه في الحقيقة هو العلم بعجز الحواسّ عن إدراكه والإيقان به ، كما أنّ تاليها هو الإيقان بأنّه ربّنا وأنّه بخلاف شيء من الأشياء. فكما أنّ اللزوم يجب أنّ يتحقّق بين ذينك العلمين والإيقانين ، كذلك يجب أن يتحقّق أيضا بين المعلومين والمتيقّنين ، أي عجز الحواسّ عن إدراكه ، وكونه ربّا وبخلاف شيء من الأشياء ، فإنّ حصول اللزوم بين العلمين ، لا يكون إلّا إذا حصل اللزوم بين معلوميهما أيضا قطعا ، فسواء اعتبر اللزوم بين العلمين ، أو بين المعلومين ، أو بين أحد المعلومين وبين العلم بمعلوم آخر ، كما في ظاهر الحديث الشريف ، وجب أن لا يختلف الحال. فلننظر في ذلك حتّى يتّضح المقصود.
فنقول : إذا حكمنا باللزوم بين عجز الحواسّ عن إدراكه وبين كونه ربّنا بخلاف شيء