فيما يختصّ بها من الأفعال كالإدراك الكلّيّ.
فتلخّص من ذلك «أنّ النفس التي نحدّها ، أي النّفس الأرضيّة الشاملة للنباتيّة والحيوانيّة والإنسانيّة ، كمال أول لجسم طبيعيّ آليّ له أن يفعل أفعال الحياة. أي يمكن أن يفعل أفعال الحياة كلّها أو بعضها ، سواء كان البعض بعضا أكثر أو أقلّ ، وسواء كان صدورها عنه بالفعل أو بالقوّة ، أي بالقوّة القريبة من الفعل ، وسواء كان ما هو بالفعل دائميّا أم غير دائميّ ، قد يكون وقد لا يكون مع إمكان أن يكون. فحصل منه حدّ جامع مانع للنفس من حيث هي نفس.
فالكمال بمنزلة الجنس يعمّ المحدود وغيره ، لأنّه عبارة عمّا يتمّ به النوع مطلقا. وهو وإن كان من باب المضاف ، إلّا أنّه يصلح أن يكون جنسا للمسمّى باسم النّفس ، لأنّ هذا الحدّ ـ كما عرفت سابقا ـ ليس لحقيقتها الجوهريّة ، بل لمفهوم النفسيّة ، وهي أيضا إضافة خاصّة ، والمضاف يمكن أن يكون جنسا لأنواعه.
ثمّ إنّ ما بعد ذلك من القيود بمنزلة الفصل يخرج به غير المحدود ، حيث إنّ قولنا : «أوّل» ، يخرج به عنه الكمالات الثانية كالعلم والقدرة والإحساس والحركة وغيرها من الأفاعيل واللوازم التامّة للنّفس.
وقولنا : «لجسم» يخرج الكمال الأوّل للمجرّدات ، إن كان لها كمال أوّل.
وقولنا : «طبيعيّ» يخرج صور الأجسام الصناعيّة ، كهيئة السيف والسرير والكرسيّ وغيرها.
وقولنا : «إليّ» يخرج صور البسائط وبعض المركّبات ، كصور العناصر والمعدنيّات ؛ إذ لا يصدر عنها كمالاتها الثانيّة من أفعالها وانفعالاتها بواسطة الآلات ، حيث ليست لها آلات ولا قوى متعدّدة ، وإن كانت مشتملة على أجزاء مختلفة ، فإنّ الأجزاء المختلفة لا تسمّى آلات.
وقولنا : «له أن يفعل أفعال الحياة» يخرج النفوس الفلكيّة ، كما سيظهر وجهه.