حقيقيّا منطبق على جميع تلك الصور الكثيرة الحاصلة في الأذهان العديدة.
ويندفع الأوّل : بأنّ المقصود امتناع صدق المفهوم على الكثرة على سبيل الشمول كالإنسان الصادق على أفراده لا على سبيل البدليّة ، إذ مصداقه حينئذ واحد شخصي بحسب الواقع لا تكثّر فيه ، وإنّما يقوم الاحتمال في العقل لعدم تعيّن المصداق عنده ، والصورة الشبحيّة يمتنع صدقها عند العقل على ما يزيد على الواحد ، إلّا أنّه لعدم تعيّنه عند المدرك يدور بين آحاد من نوع واحد أو أنواع عديدة على سبيل البدليّة ، وكذا الحال في الصورة المدركة للصبي ، إلّا أنّه لعدم ادراكه تعدّد الآحاد المنطبقة عليها يحسب الجميع واحدا.
ومن ذلك يعلم أنّ النكرة التي يراد بها ـ باعتبار عدم تعيين مدلوله ـ فرد ما على سبيل الإبهام تندرج في الجزئي وإن كان هناك شيوع في معناها ، وإطلاق الكلّي عليها في كلماتهم إمّا مجاز ؛ نظرا إلى ملاحظة شيوعها تنزيلا لها من تلك الجهة منزلة الكلّي الصادق على كثيرين ، أو بملاحظة مدخول التنوين لوضعه للطبيعة الكلّية المطلقة.
والثاني : بأنّ المراد امتناع صدقها على كثيرين بحسب الوجود الأصيل دون الظلّي ، فإنّه بناء على ما ذهب إليه المحقّقون من وجود الأشياء بحقائقها في الأذهان تكون حقيقة الجزئي موجودة في أذهان عديدة ، مع كونها حقيقة واحدة غير قابلة للصدق على كثيرين في الخارج. وهذا مقصود من أجاب بأنّ المراد هنا هو امتناع الصدق على الكثرة باعتبار الوجود الخارجي دون الوجود الذهني.
فما اورد عليه من انتقاضه بالكليّات التي لا وجود لأفرادها إلّا في الأذهان ـ كالعلم ـ مدفوع بأنّ ذلك هو الوجود الخارجي بالنسبة إليها ، فعلى هذا يتّحد المقصود من الوجود الخارجي والوجود الأصيل ، كالوجود الذهني والوجود الظلّي.
فإن قيل : لو كانت الصورة المنتزعة من زيد مثلا جزئيّا حقيقيا ـ كما هو المدّعى ـ لزم قيام الجزئي الحقيقي بمحالّ متعدّدة ، وهو محال.