مجازا.
بل لو تمّ ما ذكره في وجه الشذوذ لكان معظم الاستعمالات مجازا ولا يكاد يوجد حقيقة في الألفاظ إلّا على سبيل الندرة.
ألا ترى أنّك لو قلت : «أكلت الخبز وشربت الماء» فإنّما أردت بالأكل والشرب خصوص الأكل والشرب المنسوبين اليك ، وأردت بالخبز والماء ما هو مأكولك ومشروبك ، فيكون مجازا ، وعلى هذا القياس غير ذلك من الألفاظ الدائرة في الاستعمالات ، وهو بيّن الفساد بمكان لا يحتاج الى البيان ، والحلّ هو ما قرّرناه وسيأتي إن شاء الله تحقيق الكلام في إطلاق الكلّي على الفرد في المحلّ اللائق به.
هذا ويمكن إرادة القدر المشترك في كلام الشارع فيما إذا تعلّق الأمر بشيئين يكون أحدهما واجبا والآخر مندوبا ، كما لو قيل : «اغتسل للجنابة والجمعة» إذ لا يمكن إرادة الوجوب منه ولا الندب ، والقول باستعماله في المعنيين بناء على جوازه في غاية البعد ؛ لندوره في الاستعمالات فليحمل على القدر المشترك ، فتكون الخصوصيان مستفادتين من جهة القرينة الدالّة عليهما باعتبار المتعلّقين ، فتأمّل.
قوله : (بأنّه لا شبهة في استعمال ... الخ)
مبنى الاستدلال المذكور على استعمال صيغة الأمر في خصوص كلّ من الوجوب والندب ، وأنّ ظاهر الاستعمال قاض بالحقيقة من غير فرق بين متّحد المعنى ومتعدّده.
وفيه : أنّ كلّا من المقدّمتين المذكورتين في محلّ المنع ؛ إذ قد يقال بكون الأمر مستعملا في العرف واللغة في الطلب ، إلّا أنّ ذلك الطلب قد يقع على سبيل الإلزام كما هو الظاهر من إطلاقه ، وقد يقع على غير سبيل الإلزام ، ولا يلزم من ذلك استعمال الصيغة في خصوص كلّ من المعنيين ، لإمكان إطلاق اللفظ على المعنيين الخاصّين ، لانطباق كلّ منهما على الطلب واتّحاده معه كما مرّت الإشارة اليه.
وقد تقدّم الكلام فيما بنى السيّد عليه من أصالة الحقيقة في متعدّد المعنى ، وأنّ الأظهر منع الأصل المذكور وترجيح المجاز على الاشتراك كما هو المشهور.
ثمّ لا يذهب عليك أنّ مفاد المقدّمتين المذكورتين بعد تسليمهما هو كون