إلى الكتب [المعتمدة](١) المعدّة لذلك من غير نكير فكان إجماعا من الكلّ.
والقول بعدم إفادة كلامهم للظنّ ـ لاحتمال ابتنائه على بعض الاصول الفاسدة كالقياس في اللغة أو لعدم التحرّج عن الكذب لبعض الأغراض الباطلة مع انتفاء العدالة عنهم في الغالب وفساد مذهب أكثرهم ـ فاسد ؛ بشهادة الوجدان والدواعي على التحرّج عن الكذب قائمة غالبا سيّما في الكتب المتداولة لو لا قيام الدواعي الإلهيّة. نعم ، لو فرض عدم إفادته للظنّ لقيام بعض الشواهد على خلافه فلا معوّل عليه.
وربّما يناقش في حجّية الظنّ في المقام لأصالة عدمها وعدم وضوح شمول أدلّة خبر الواحد لمثله.
وضعفه ظاهر ممّا عرفت ، مضافا إلى أنّ حجّية أخبار الآحاد في الأحكام مع ما فيها من وجوه الاختلال وشدّة الاهتمام في معرفتها يشير إلى حجّيتها في الأوضاع بطريق أولى.
وثالثها : الاستقراء وهو تتبّع موارد الاستعمالات كما في استنباط الأوضاع النوعيّة والقواعد الكلّية الوضعيّة كأوضاع المشتقات ، وما قرّروه من رفع الفاعل ونصب المفعول ونحوها ؛ فإنّ تلك الأوضاع والقواعد إنّما تستنبط من تتبّع الموارد ، والطريق إلى معرفتها منحصر في ذلك في الغالب وعليه جرت طريقة علماء الأدب في معرفة ما قرّروه من قواعد العربية وما بيّنوه من الأوضاع الكلّية.
وأمّا الأوضاع الشخصيّة فيمكن استفادتها من ذلك أيضا بملاحظة موارد إطلاقات اللفظ وإطلاقه على جزئيّات ما وضع له لو كان كلّيا ونحو ذلك ، كما احتجّوا به في إثبات الحقائق الشرعيّة.
ثمّ الاستقراء إن كان مفيدا للقطع كما في الحكم برفع الفاعل ونصب المفعول فلا كلام، وإن كان مفيدا للظنّ فكذلك أيضا ؛ لما دلّ على حجّية الظنّ في مباحث الألفاظ وإطباق أهل الأدب عليه من غير نكير كما ينادي به ملاحظة كلماتهم.
__________________
(١) ما بين المعقوفتين من المطبوع (١).