المقام الرابع في بيان ثمرة النزاع في المسألة :
فنقول : عمدة الثمرة المتفرعة على ذلك صحّة إجراء الأصل في أجزاء العبادات وشرائطها ، فإنّها إنّما يثبت على القول بوضعها للأعمّ دون القول بوضعها للصحيح ، وعلى القول بالتفصيل بين الأجزاء والشرائط يفصّل بينهما.
وتوضيح المقام : أنّ الشكّ المتعلّق بالأجزاء أو الشرائط إن كان فيما يشكّ مع انتفائه في التسمية ولو على القول بوضعها للأعمّ نظرا الى وضوح اعتبار القائل به أجزاء وشرائط في الجملة لتحقّق التسمية فلا يمكن إجراء الأصل فيه على شيء من المذهبين ، لتحقّق اشتغال الذمّة بالمسمّى وعدم حصول العلم بأدائه ، من دون ذلك من جهة الشكّ المفروض.
وأمّا إذا علم بحصول المسمّى على القول بوضعها للأعمّ وحصل الشكّ في اعتبار جزء أو شرط في تحقّق الصحّة فالقائل بالأعمّ ينفيه بالأصل ، نظرا الى إطلاق المكلّف به من غير ثبوت للتقييد ، بخلاف القائل بوضعها للصحيحة ؛ لإجمال المكلّف به عنده وعدم العلم بحصول المسمّى في مذهبه ، إلّا مع العلم باستجماعه لجميع الأجزاء والشرائط المعتبرة في الصحّة.
فالشكّ في اعتبار جزء أو شرط في الصحّة يرجع عنده الى الشكّ في الجزء أو الشرط المعتبر في التسمية ، كما في الوجه الأوّل فلا يجري فيه الأصل عنده لقضاء اليقين بالاشتغال اليقين بالفراغ ، ولا يحصل إلّا مع الإتيان بما يشكّ في جزئيته أو شرطيته وترك ما يحتمل مانعيته.
فإن قلت : لا شكّ في كون مطلوب الشارع والمأمور به في الشريعة إنّما هو خصوص الصحيحة ، لوضوح كون الفاسدة غير مطلوبة لله تعالى بل مبغوضة له لكونها بدعة محرّمة ، فأيّ فارق إذن بين القولين مع حصول الشكّ في إيجاد الصحيحة من جهة الشكّ فيما يعتبر فيها من الأجزاء والشرائط؟.
قلت : لا ريب في أنّ العلم بالصحّة إنّما يحصل من ملاحظة الأوامر الواردة ، فما وجد متعلّقا للأمر ولو بالنظر الى إطلاقه من غير أن يثبت فساده يحكم بصحّته ؛