السيّدان والشيخ والعلّامة في النهاية وشيخنا البهائي ، ومن العامّة الحاجبي والعضدي ، وهو حجّة في المقام سيّما مع اعتضاده بالشهرة العظيمة وملاحظة الطريقة الجارية في الاحتجاجات الدائرة وبضميمة أصالة عدم النقل يتمّ المدّعى.
ولا يذهب عليك أنّ ذلك أيضا أعمّ من المدّعى ، فإنّ قضية الإجماع المذكور انصراف الأمر الى الوجوب ، وهو كما عرفت أعمّ من وضعه له.
قوله : (إذا أمرتكم بشيء (١) ... الخ)
لا يخفى أنّ هذه الرواية في بادئ الرأي تحتمل وجوها ولا ارتباط لشيء منها بدلالة الأمر على الندب حتّى يوجّه به الاحتجاج المذكور ، فإنّ المراد بالشيء المأمور به إمّا الكلّي الّذي له أفراد ، أو الكلّ الّذي له أجزاء ، أو الأعمّ منهما.
وعلى كلّ حال ف «من» في قوله : «منه» إمّا تبعيضية ، أو ابتدائية ، وعلى كلّ حال ف «ما» في قوله : «ما استطعتم» إمّا موصولة ، أو موصوفة ، أو مصدرية ، فهذه ثمانية عشر وجها ففي بعضها يكون مفادها مفاد ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه ، ولذا أو للوجه الآتي قد تجعل رديفا لذلك الخبر ، ويستدلّ بها على ما يستدلّ عليه بذلك ، وفي بعضها تفيد أنّ الأمر إذا تعلّق بكلّي فالمطلوب أداؤه في ضمن الأفراد المقدورة ، وفي بعضها تفيد الأمرين ، وفي بعضها تفيد وجوب التكرار إن جعلنا الأمر في «فأتوا» للوجوب ، فيمكن أن يحتجّ بها على كون الأمر للتكرار وإلّا أفادت رجحان الإتيان بالمأمور به بعد أداء المقدار اللازم ، كما قد يتخيّل بناء على كون الأمر موضوعا لطلب الطبيعة حسب ما تأتي الإشارة اليه في كلام المصنّف ، وقد يومئ الى هذا الوجه ملاحظة أوّل الرواية وموردها ، فتأمّل.
قوله : (ردّ الإتيان بالمأمور به الى مشيّتنا)
أنت خبير بأنّ المذكور في الرواية هو الردّ إلى الاستطاعة ، وهو مما لا ربط له بالردّ الى المشيّة كما هو مبنى الاستدلال ، وتفسيره الاستطاعة بالمشية غريب
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٣ ـ ٤ ص ٢٥٠.