في ذلك العرف ، فيصحّ إثبات الوضع التعييني بإزائه مع ثبوت الحكمة في واضع تلك الصناعة ومقرّرها ويشهد له ملاحظة الحال في الألفاظ الدائرة في الصناعات فيصحّ الاستناد إلى ذلك في إثبات الحقائق الشرعيّة حسب ما يأتي الإشارة إليه إن شاء الله تعالى. هذا كلّه في ثبوت نفس الوضع.
وأمّا تعيين خصوص الألفاظ الموضوعة فلا يظهر من القاعدة المذكورة ، ويمكن تعيينها بملاحظة المقامات إذا قام هناك شاهد على التعيين على فرض ثبوت الوضع ، كما هو الحال في الحقائق الشرعيّة وفي ألفاظ العموم في الجملة.
العاشرة
إذا دار الأمر في اللفظ بين أحد الأمرين من الامور المخالفة للأصل ، فهناك صور عشر للدوران دائرة في كتب الاصول ، وتفصيل الكلام في المرام مع توسعة في الأقسام أن يقال :
إنّ هناك امورا سبعة مخالفة للأصل : الاشتراك والمجاز والتخصيص والتقييد والإضمار والنقل والنسخ ، والمقصود في المقام معرفة الترجيح بينها من حيث ذواتها مع قطع النظر عن سائر الامور الطارئة عليها المرجّحة لها بحسب خصوصيّات المقامات ، إذ ليس لذلك حدّ مضبوط يبحث عنها في الاصول وإنّما يتبع ملاحظة المقامات الخاصّة.
نعم ، يبحث في الاصول عن حجّية الظنّ المتعلّق بالألفاظ وهو كلام في ذلك على وجه كلّي ، والظاهر أنّه في الجملة ممّا لا خلاف فيه.
وحينئذ نقول : إنّ الدوران بين الوجوه المذكورة قد يكون ثنائيّا ، وقد يكون ثلاثيّا فما فوقها ، لكن لمّا كان معرفة الحال في الثنائي منها كافية في غيرها فرضوا صور الدوران في الثنائي خاصّة ، وجملة صور الدوران بين الوجوه المذكورة تنتهي إلى أحد وعشرين وجها نشير إلى وجوه الترجيح بينها أو مساواتها إن شاء الله تعالى.