ومن جملة الأوضاع النوعية : الوضع الحاصل في المجازات ، وفيه عموميّة من جهة اللفظ والمعنى ، إذ لم يلحظ فيه خصوص مادّة ولا هيئة ولا خصوص معنى دون آخر ، وحيث إنّ الوضع هناك غير قاض بتعيين اللفظ للمعنى ـ بحيث يفيد دلالة اللفظ عليه على ما هو الحال في الأوضاع الحقيقية ، بل الدلالة الحاصلة في اللفظ هناك إنّما هي من جهة القرينة ، وإنّما يثمر الوضع المذكور جواز استعمال اللفظ فيه بحسب اللغة لا غير ، كما مرّت الإشارة إليه ـ لم يندرج ذلك في الوضع بمعناه المعروف ؛ ولذا قالوا باختصاص الوضع بالحقائق ، وجعلوا المجاز خاليا عن الوضع واستعمالا للّفظ في غير ما وضع له ، إلّا أنّ الترخيص الحاصل من الواضع في استعمال اللفظ فيه دون المعاني الخالية عن تلك العلاقة نحو من الوضع بمعناه الأعمّ ، وبهذا الاعتبار صحّ شمول الوضع له ، وربّما يسمّى الوضع الحاصل فيه ترخيصا ، ويمكن اعتبار الموضوع هناك عامّا منطقيّا ، فيكون كلّ من الوضع والموضوع عامّا وعامّا اصوليّا ليكون الوضع عامّا والموضوع خاصّا ؛ لصحّة وقوع الترخيص على كلّ من الوجهين المذكورين من غير تفاوت في المقام بين كلّ من الاعتبارين.
ومن الوضع النوعي الترخيصيّ : وضع التوابع اللاحقة للكلمات ، كقولهم : عطشان بطشان ، وخراب يباب وهرج مرج ونحوها ، فإنّ تلك الألفاظ وإن كانت مهملة في أصلها إلّا أنّ الواضع قد رخّص في إستعمالها في مقام الاتباع إشباعا وتأكيدا ، وذلك أيضا نحو من الوضع حسب ما أشرنا إليه.
ومن الوضع الترخيصيّ النوعي أيضا : وضع الحكايات بإزاء المحكي ، والثمرة المتفرّعة على الترخيص المذكور جواز استعمال اللفظ في ذلك بحسب اللغة دون إفادته الدلالة عليه ؛ لحصولها بدون اعتباره ، كما أشرنا إليه في المجاز.
الخامسة
ينقسم الوضع باعتبار الموضوع له والمعنى المتصوّر حال الوضع إلى أقسام أربعة :