حقيقة فيه بالنسبة إلى الوضع القديم أو وضع آخر.
نعم ، يمكن دفعه حينئذ مع عدم ثبوته بأصالة العدم ومرجوحيّة الاشتراك أو النقل ، فعلى هذا قد يجعل تبادر الغير علامة للمجاز ونفى الوضع له بالمرّة ، بخلاف مجرّد عدم التبادر ، وقد يجعل ذلك وجها في تبديل عدم التبادر بتبادر الغير ، وهو أيضا كما ترى.
حادي عشرها : عدم صحّة السلب والمقصود عدم صحّة سلبه عنه حال الاطلاق ، فإنّ عدم صحّة سلبه عنه حينئذ يفيد حصول معناه الحقيقي المفهوم منه عند إطلاقه ، إذ لو كان على خلاف ذلك لصحّ سلبه عنه ضرورة صحّة السلب مع عدم حصول المعنى الّذي يراد سلبه ؛ ولذا جعل صحّة السلب علامة للمجاز أيضا.
ويمكن الاعتراض عليه بوجوه :
الأوّل : أنّ المحكوم بعدم صحّة سلبه إنّما هو معنى اللفظ ، ضرورة صحّة سلب اللفظ عن المعاني بأسرها ، وحينئذ فإن كان الموضوع في القضيّة المفروضة نفس ذلك المعنى لم يتصوّر هناك حمل بالمعنى المشهور حتّى يتصوّر الإيجاب والسلب للزوم اتّحاد الموضوع والمحمول ، وإن كان غيره لم يفد عدم صحّة السلب كون ذلك معنى حقيقيّا ؛ إذ المفروض مغايرته لما وضع اللفظ بإزائه ، ومجرّد (١) الاتّحاد في المصداق لا يقضي بكون اللفظ حقيقة فيه ، ألا ترى أنّ استعمال الكلّي في خصوص الفرد مجاز مع أنّه لا يصحّ سلبه عنه ، وكذا لا يصحّ سلب شيء من المفاهيم المتّحدة في المصداق عن بعض آخر ، كالإنسان والضاحك والناطق والحيوان والجسم والجوهر مع أنّ شيئا من تلك الألفاظ لم يوضع بإزاء المفهوم الّذي وضع له الآخر ، ولا حقيقة فيه إذا اريد عند الإطلاق خصوص ذلك منه.
__________________
(١) والحاصل : أنّ الحمل يقتضي التغاير في المفهوم والاتّحاد في المصداق ، فإن كان المعنى الملحوظ في الموضوع والمحمول متحدا في المقام لم يتصوّر حمل لا إثباتا ولا سلبا ، وإن تغاير المفهومان لم يكن عدم صحّة السلب حينئذ دليلا على الحقيقة حسب ما قرّرنا. (منه رحمهالله).