الثاني : لزوم الدور ، تقريره : أنّ الحكم بعدم صحّة السلب موقوف على العلم بما وضع اللفظ له ، إذ الدالّ على الحقيقة والأمارة عليها هو خصوص ذلك ؛ ضرورة أنّ عدم صحّة سلب المعاني المجازيّة لا يفيد كون ما لا يصحّ سلبها عنه معنى حقيقيّا بل يفيد كونه مجازيّا والمفروض توقّف العلم بما وضع اللفظ له على الحكم بعدم صحّة السّلب لجعله أمارة عليه ، وهو دور مصرّح.
وببيان أوضح إن اريد بالمعنى الّذي لا يصحّ سلبه مطلق المعنى فمن البيّن حينئذ عدم كونه أمارة على الحقيقة ، وإن اريد به خصوص المعنى الحقيقي فلزوم الدور عليه واضح.
قال بعض الأفاضل : الحقّ أنّ الدور فيه مضمر ؛ لأنّ معرفة كون الإنسان مثلا حقيقة في البليد موقوف على عدم صحّة سلب المعاني الحقيقيّة للإنسان عنه ، وعدم صحّة سلب المعاني الحقيقيّة للإنسان عنه موقوف على عدم معنى حقيقيّ للإنسان يجوز سلبه عن البليد كالكامل في الإنسانيّة ، ومعرفة عدم هذا المعنى موقوف على معرفة كون الإنسان حقيقة في البليد.
أقول : من البيّن أنّ الحكم بعدم صحّة سلب معانيه الحقيقيّة في معنى الحكم بعدم معنى حقيقيّ للإنسان يجوز سلبه عن البليد ، فإنّ كلّا من معانيه الحقيقيّة إذا لم يصحّ سلبه عنه فليس هناك معنى يصحّ سلبه عن ذلك ، ضرورة امتناع اجتماع المتنافيين في المعنى المفروض ، فهذان مفهومان متقاربان متلازمان في مرتبة واحدة من الظهور ، والعلم بكلّ منهما علم بالآخر على سبيل الإجمال وإن لم يكن العالم به متفظّنا له بالعنوان الآخر.
فدعوى التوقّف المذكور بيّن الفساد ، وحينئذ فادّعاء إضمار الدور غير سديد ؛ إذ العلم بعدم صحّة سلب كلّ من المعاني الحقيقيّة عن المعنى المفروض متوقّف على العلم بكون اللفظ حقيقة فيه ، والمفروض أنّ العلم به يتوقّف على العلم بعدم صحّة السلب.
وأيضا فالمطلوب في علامة الحقيقة إثبات الوضع للمعنى المفروض أو