فتحصّل من جميع ما ذكرنا أنّ مجرّد تعدّد الأسباب الشرعية لا يقضي بلزوم تعدّد الأفعال المتفرّعة عليها ، بل يمكن تواردها على محلّ واحد من غير خروج عن ظاهر الحكم بكونها أسبابا ، وقد يقتضيان حصول جهتين للتكليف بالفعل فيتعدّد التكليف دون المكلّف به كما هو الملحوظ في المقام.
نعم ، تعدّد التكليف قاض بتعدّد المكلّف به ، وتعدّد المكلّف به قاض بتعدّد الأداء حسب ما مرّ بيانه فيما قرّرناه من المسألة.
أمّا مجرّد تعدّد السبب مع عدم ثبوت تعدّد التكليف فلا قضاء فيه بتعدّد التكليف ولا تعدّد المكلّف به ولا تعدّد الأداء.
نعم ، في تعدّد السبب بعد ظهور تعدّد التكليف تأييد للدلالة على تعدّد المكلّف به ولزوم تعدّد الأداء ، كما مرّت الإشارة اليه.
خامسها : أنّ تداخل التكاليف بناء على القول بها مطلقا أو على ما ذكرناه من التداخل في بعض الصور المذكورة فهل يتوقّف حصوله على نيّة الكلّ تفصيلا ، أو إجمالا ، أو يحصل قهرا مع عدم نيّة خلافه ، أو ولو نوى الخلاف مع نية البعض فيدخل فيه الباقي تبعا ، أو ولو من دون نيّة خصوص شيء من الأمرين إذا أتى بصورة الفعل المشترك بين الكلّ وجوه؟
والّذي يقتضيه التأمّل في المقام أن يقال : إنّ المطلوب بالأمرين الحاصلين في المقام إمّا أن يكون من قبيل العبادة ، أو من غيرها ، أو يختلف الحال فيه.
ثمّ إنّ أداءه إمّا أن يتوقّف على قصده ونيّته ، أو أنّه ممّا يحصل بأداء صورته ، فإن كان كلّ من الأمرين ممّا يحصل بأداء صورته من غير توقّف له على نيّته فلا بدّ من الحكم بالتداخل فيه مطلقا من غير توقّف له على نيّته ، فلا توقّف له على تعيين شيء من المطلوبين ولا على قصد امتثال الأمرين.
نعم ، لو كانا أو أحدهما عبادة توقّف حصول الأمرين على قصد القربة ، فلو نوى القربة بأحدهما وغفل عن الآخر حصل أداؤه أيضا مع عدم قصد التقرّب به بل ومع الغفلة عنه من أصله ، لما عرفت فيما قرّرناه سابقا من عدم توقّف العبادة