وقد يقال بترجيحه عليه مع كون الباعث على رجحانه الشهرة ؛ نظرا إلى كون الغلبة الحاصلة فيه شخصيّة بخلاف غلبة التخصيص ، فإنّها غلبة نوعيّة ، والأظهر الرجوع حينئذ إلى ما هو المفهوم بحسب المقام بعد ملاحظة الجهتين.
ومنها : أن يكون المجاز نادرا والتخصيص اللازم أيضا كذلك ، فقد يتخيل إذن ترجيح التخصيص أيضا ؛ لغلبة نوعه والأظهر الرجوع إلى ما هو الظاهر في خصوص المقام ومع التكافؤ فالتوقّف.
ثانيها : الدوران بين المجاز والتقييد ، والظاهر أنّ حكمه حكم الدوران بينه وبين التخصيص ، فالظاهر ترجيح التقييد لظاهر فهم العرف ، مؤيّدا بما مرّ من الغلبة ، مضافا إلى أنّ التقييد قد لا يكون منافيا لاستعمال اللفظ فيما وضع له فهو وإن كان خلاف الظاهر أيضا إلّا أنّه راجح بالنسبة إلى ما كان مخالفته للظاهر من جهة ارتكاب التجوّز.
وقد يفصّل بين التقييد الّذي يندرج في المجاز بأن يستعمل المطلق في خصوص المقيّد وما لا تجوّز فيه ، فإنّ الأوّل نوع من المجاز مع التأمّل في شيوعه ، فإنّ معظم التقييدات من قبيل الثاني فهو بمنزلة سائر المجازات بخلاف الثاني. ولا يخلو عن وجه.
ثالثها : الدوران بين المجاز والإضمار ، وقد نصّ العلّامة رحمهالله في النهاية والتهذيب على تساويهما ، فيتوقّف الترجيح على ملاحظة المرجّحات في خصوص المقامات ، وكأنّه الأظهر ؛ لشيوع كلّ من الأمرين واشتراكهما في مخالفة الظاهر. ومجرّد أشيعيّة المجاز على فرض تسليمه لا يفيد ظنّا في المقام ، ليحكم بثبوت ما يتفرّع عليه من الأحكام ، هذا إذا اختلف الحكم من جهة البناء على كلّ من الوجهين ، وأمّا إذا لم يكن هناك اختلاف كما في قوله تعالى : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ)(١) فلا إشكال.
وذهب غير واحد من المتأخّرين إلى ترجيح المجاز ؛ نظرا إلى كثرته ، وربّما
__________________
(١) سورة يوسف : ٨٢.