تخصيصه بغير ذلك فهو كاف في الخروج عن الندرة ، فترجيح التخصيص الثاني يحتاج إلى الدليل.
ويمكن الذبّ عنه بأنّه إذا ثبت ترجيح التخصيص في العامّ الّذي لم يخصّص ففي غيره بالاولى ؛ لوهن العموم بعد تطرّق التخصيص إليه حتّى أنّه قيل بخروجه بذلك عن الحجّية في الباقي.
ثانيها : أنّ ذلك هو المفهوم بحسب العرف بعد ملاحظة الأمرين ، كما إذا قال : أكرم العلماء ، ثمّ قال : لا يجب إكرام زيد ، فإنّه لا شكّ في فهمهم من ذلك استثناء زيد من الحكم ، لا أنّه يحمل الأمر في «أكرم» على الندب أو يتوقّف بين الأمرين. فتأمّل.
ثالثها : ما عرفت من شهرة القول بترجيح التخصيص ، ونصّ جماعة من فحول الاصوليين عليه ، فيقدّم في مقام الترجيح لابتناء المقام على الظنّ هذا إذا لوحظ كلّ من التخصيص والمجاز في نفسه ، وقد يعرض لكلّ منهما ما يوجب رجحان المجاز أو التوقّف بينهما ـ كما إذا كان المجاز مشهورا أو كان التخصيص نادرا ـ فهناك إذن وجوه :
منها : أن يكون المجاز مشهورا والتخصيص بعيدا مرجوحا ، ولا شبهة إذن في ترجيح المجاز.
ومنها : أن يكون التخصيص نادرا ـ كما إذا اشتمل على إخراج معظم أفراد العامّ من غير أن يكون في المجاز مزيّة باعثة على رجحانه ـ والظاهر حينئذ ترجيح المجاز أيضا ؛ لبعد التخصيص كذلك حتّى أنّه ذهب جماعة إلى امتناعه في بعض صوره.
ومنها : أن يكون في المجاز مزيّة باعثة على رجحانه من غير أن يكون في التخصيص ما يوجب وهنه ، فإن كان رجحان المجاز من جهة شهرته وقد بلغ في الشهرة إلى حيث يترجّح على الحقيقة بملاحظة الشهرة أو يعادلها فلا شبهة إذن في ترجيح المجاز ، وإلّا ففي ترجيحه على التخصيص إشكال.