الحادية عشر
أنّهم اختلفوا في كون الألفاظ موضوعة للامور الخارجيّة ، أو للصور الذهنيّة ، أو غيرهما ، على أقوال :
ثالثها : أنّها غير موضوعة لشيء من الأمرين وإنّما هي موضوعة لنفس المفاهيم والماهيّات مع قطع النظر عن الوجودين.
رابعها : التفصيل بين الكلّيات والجزئيّات ، فالكلّيات موضوعة بإزاء المفاهيم الكلّية مع قطع النظر عن الوجودين ، والجزئيّات الخارجيّة بإزاء الموجودات الخارجيّة ، والجزئيّات الذهنيّة بإزاء الموجودات الذهنيّة ، وحيث إنّ الأقوال المذكورة غير خالية عن إبهام فبالحري توضيح الحال فيها في المقام.
فنقول : إنّ القول بوضع الألفاظ للامور الخارجيّة يحتمل في بادئ الرأي وجوه.
أحدها : أن يقال بوضعها للموجودات الخارجيّة على أن يكون الوجود الخارجي معتبرا في الموضوع له على سبيل الجزئيّة.
ثانيها : أن يكون ذلك قيدا فيه على أن يكون القيد خارجا والتقييد داخلا.
ثالثها : أن يقال بوضعها للمفاهيم باعتبار وجودها الخارجي ومن حيث تحقّقها كذلك ، فالموضوع له هو نفس المفاهيم بتلك الملاحظة أعمّ من أن تكون موجودة في الخارج أو لا ، ويحتمل أن يعتبر الوجوه الثلاثة المذكورة باعتبار كونها خارجيّة وإن لم تكن موجودة في الخارج ، أو يفصّل بين ما يكون موجودة في الخارج فيؤخذ وجودها الخارجي على أحد الوجوه المذكورة ، وما يكون نفسها خارجيّا فيؤخذ خارجيّتها كذلك.
رابعها : أن يراد بذلك وضعها للمفاهيم من حيث كونها عنوانات لمصاديقها في الواقع ، سواء كان من شأن مصاديقها أن تكون خارجيّة أو ذهنيّة أو أعمّ منهما ولو كان تقديريّا كما في الممتنعات ، أو لم يكن تقديرها إلّا بنحو من الاعتبار ، كما في «اللا شيء» و «اللاموجود المطلق» ونحوهما فكونها خارجيّة باعتبار مقابلتها