واختاره بعض أفاضل العصر وقال : إنّه المشهور.
وهو غريب ؛ إذ لم نجد مصرّحا بذلك بل استنادهم إلى أصالة الحقيقة في متّحد المعنى معروف ، وقد عرفت حكاية الإجماع عليه من العلّامة رحمهالله وهو الظاهر من السيّد في الذريعة حيث ذكر في مقام إثبات كون الاستعمال في المتعدّد أمارة على وضعه لهما إنّه ليس استعمال اللفظ في المعنيين إلّا كاستعماله في المعنى الواحد في الدلالة على الحقيقة ، فقد جعل الحكم بدلالة الاستعمال على الحقيقة في متّحد المعنى مفروغا عنه في المقام.
وكأنّه أخذ ذلك ممّا اشتهر بينهم من كون الاستعمال أعمّ من الحقيقة حملا له على ما إذا تبيّن المراد وشكّ في الموضوع له ، فاريد به دفع دلالة الاستعمال على الحقيقة وإن كان الأصل بعد العلم بالموضوع له والشكّ في المراد هو الحمل على الحقيقة كما هو قضيّة الأصل المشهور ، فجمع بين الحكمين المشهورين على النحو المذكور ، وقد عرفت التحقيق في وجه الجمع وأنّ المقصود من الحكم المذكور أحد الوجهين المتقدّمين ، فلا ربط له بما ادّعاه.
وكيف كان ، فالوجه في ذلك عدم الملازمة بين الاستعمال والوضع وإنكار الظهور المدّعى في المقام ، وقد عرفت ضعفه ممّا قدّمناه ويومئ إليه أنّ الاستعمال في معنى الحمل ، فإنّه إذا اطلق الأسد على الرجل الشجاع كان بمنزلة قولك : «الرجل الشجاع أسد» وقد اعترف الفاضل المذكور بكون الحمل ظاهرا في بيان الموضوع له كما إذا قال : «إقرأوا في ليلة القدر هذه الليلة السورة الفلانية وان لم يكن ذلك بنفسه دليلا على الوضع عندنا حسب ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى».
سادسها : ورود اللفظ في مقام البيان مجرّدا عن القرائن مع حصول العلم بالمعنى المقصود من الخارج من غير قرينة منصوبة من المتكلّم أو ملحوظة له في الإفهام وعدم استعماله في غيره في مقام البيان ، إلّا مع إقامة قرينة صارفة عن الأوّل معيّنة له ، فإنّه إذا وجد اللفظ على النحو المذكور في الاستعمالات المتداولة دلّ ذلك على كونه حقيقة في الأوّل مجازا في غيره ، فإنّ ذلك من لوازم الوضع