فلا دلالة في التبادر المفروض على الحقيقة ، ولذا لا يقال بكون الطلب والإرادة حقيقة في خصوص الحتميين ، فالدليل المذكور مدفوع أوّلا بالنقض ، ثمّ بالحلّ.
وممّا ذكرنا ظهر الجواب عن الآيتين والرواية وما يفيد مفادهما ، إذ لا كلام لنا في انصراف الإطلاق الى الوجوب إنّما الكلام في استناده الى الوضع ولا دلالة فيها عليه.
قوله : (صيغة «إفعل» وما في معناها).
أراد ب «ما» في ما معناها سائر صيغ الأمر الحاضر نحو : تفعل وتفاعل ، وصيغ الأمر الغائب نحو : ليفعل وليفاعل ، أو أراد به أسماء الأفعال نحو : صه وحيهل ، أو الأعمّ منهما.
وقد يعيّن حمله على الوجه الثاني ما حكي عن النحاة من أنّ إفعل علم جنس لكلّ صيغة يطلب بها الفعل ، كما أنّ فعل ويفعل علمان لكلّ ماض ومضارع مبني للمفعول.
ويبعّده أنّه إن ثبت الاصطلاح المذكور فإنّما يثبت في عرف علماء الصرف أو وسائر علماء العربية وثبوته في عرف علماء الاصول غير معلوم بل الظاهر خلافه ، وليس من الاصطلاحات الشائعة الدائرة بين سائر الناس من غير أهل ذلك الاصطلاح ـ كلفظ الفاعل والمفعول ـ ليستظهر الحمل عليه ، فحمل العبارة على ذلك ممّا لا شاهد عليه ، ثمّ على فرض ثبوت الاصطلاح المذكور فشموله لصيغ الأمر الغائب محل تأمّل أيضا.
هذا ، واعلم أنّ صيغة الأمر قد استعمل في معاني عديدة كالوجوب والندب والطلب الجامع بينهما والإباحة والإذن والإرشاد والالتماس والدعاء والتمنّي والترجّي والخبر والتهديد والإنذار والاحتقار والإهانة والإكرام والتعجيز والتسخير والتكوين والتسلية والامتنان وانقطاع الأمل والتحزّن والتهكّم وغيرها ، وليست حقيقة في جميع ذلك اتّفاقا إذ كثير من المعاني المذكورة إنّما يفهم من جهة