فهم العرف ، وهو المحكّم في أمثال ذلك ، مضافا الى أنّ ذلك هو الأحوط في تحصيل البراءة والأوفق بالأصل من جهة أصالة عدم رجحان الفعل ومشروعيته مع انتفاء الشرط المفروض.
نعم ، لو كان التقييد على وجه يخالف الظاهر جدّا بحيث يكون حمل الأمر على الندب راجحا عليه أو مكافئا له لزم الحمل على الندب أو الوقف بين الأمرين ، وذلك أمر آخر لا ربط له بما هو الملحوظ في المقام.
الثاني : الدوران بين الندب النفسي والوجوب الغيري ، كما إذا أمر بالوضوء من جهة خروج المذي واحتمل إرادة الاستحباب النفسي والوجوب الغيري لأجل الصلاة عند وجوبها ، وقد يتخيّل حينئذ كون الوجوب الغيري من جملة الوجوب المقيّد لتقيّده بالغير وعدم حصوله إلّا من جهة وجوب ذلك الغير فترجع هذه الصورة الى الصورة المتقدّمة ، فيكون من الدوران بين المجاز والتقييد ، ويجري فيه إذن ما مرّ.
وفيه : أنّ انصراف الأمر الى الوجوب النفسي من جهة ظهور الأمر بالشيء في كونه مطلوبا لذاته مرادا لنفسه إمّا لانصراف المطلق اليه كما هو المختار ، أو لكونه حقيقة فيه بخصوصه على ما هو أحد المحتملين على القول المشهور حسب ما مرّت الإشارة اليه ، فيأتي الكلام فيه من غير جهة التقييد أيضا.
وحينئذ فقد يتخيّل ترجيح الندب نظرا الى أنّ فيه مخالفة للظاهر من جهة واحدة بخلاف الحمل على الوجوب ، فانّه قاض بتقييد الإطلاق وبالخروج عن الظاهر المذكور ، ومع الغضّ عن ذلك فأقصى الأمر حينئذ أن يقال بالوقف بين الأمرين ، إذ لا أقلّ من مقاومة الوجهين الأخيرين للوجه الأوّل.
وفيه : أنّ انصراف الأمر الى الوجوب أقوى من انصراف الوجوب الى الوجوب النفسي كما يشهد به ملاحظة العرف.
أمّا على القول بكونه حقيقة في مطلق الوجوب فظاهر ، للزوم المجاز بناء على حمله على الندب بخلاف ما لو حمل على الوجوب الغيري ومن المقرّر