ثبوت الوضع لهما في اللغة ، إلّا أنّه لمّا لم يكن وضعه للمعنى الآخر معلوما من أصله فقضيّة الأصل عدم ثبوت الوضع له أيضا ، وحينئذ فيحتمل ثبوت المعنيين له بحسب اللغة ؛ لأصالة عدم تغيير الحال فيه ، وأن يقال بوضعه لأحدهما ثمّ طروّ وضعه للآخر ، اقتصارا في إثبات الحادث على القدر الثابت. فتأمّل.
ومنها : أن يكون مشتركا بين المعنيين بحسب اللغة واستعمل في العرف في معنى ثالث واشتهر استعماله فيه إلى أن شكّ في حصول النقل وهجر المعنيين ، فيدور الأمر بين الاشتراك بينهما بحسب العرف ـ كما كان في اللغة ـ ونقله إلى المعنى الثالث ، ولا ريب أنّ قضيّة الأصل حينئذ بقاء اشتراكه بين المعنيين المفروضين إلى أن يثبت النقل.
سادسها : دوران الأمر بين الاشتراك والنسخ ، كما إذا قال : «ليكون ثوبي جونا» وعلمنا بوضع الجون للأحمر ، ثمّ قال بعد ذلك : «ليكون أسود» فشكّ حينئذ في وضع الجون للأسود أيضا حتى يكون مشتركا ، فيكون قوله الثاني قرينة معيّنة لإرادة ذلك من أوّل الأمر ، أو أنّه نسخ الحكم الأوّل بذلك من غير أن يكون هناك اشتراك بين المعنيين ، وليفرض هناك انتفاء العلاقة المصحّحة للتجوّز لئلّا يقوم احتمال المجاز أيضا ، وحينئذ ربّما يرجّح الاشتراك ؛ لغلبته على النسخ ، ولأنّه يثبت بأيّ دليل ظنّي اقيم عليه بخلاف النسخ ؛ إذ لا يثبت إلّا بدليل شرعي بل ربّما يعتبر فيه ما يزيد على ما اعتبر في الدليل على سائر الأحكام ، ولأنّ غاية ما يلزم من الاشتراك الإجمال أحيانا بخلاف النسخ ، فإنّ قضيّته إبطال العمل بالدليل السابق.
وأنت خبير بما في جميع ذلك ؛ فلا وجه لإثبات الوضع للمعنى المفروض بهذه الوجوه الموهونة من غير قيام شاهد عليه من النقل أو الرجوع إلى لوازم الوضع ونحو ذلك ممّا يفيد ظنّا به.
فالأظهر عدم ثبوت اشتراك اللفظ بين المعنيين بمجرّد دفع احتمال النسخ في مورد مخصوص ، ولا الحكم بثبوت النسخ هناك أيضا ، وقضيّة ذلك التوقّف في حكمه بالنظر إلى ما تقدم على ورود الدليل المذكور وإن كان البناء على حمله