الخاصّة أيضا عامّة شاملة لما تحتها من الأفراد لا ينافي ذلك ، إذ لا يعتبر في القسم الثالث أن يكون الموضوع له خصوص الجزئيّات الحقيقية.
ويمكن دفعه : بأنّه لمّا كان كلّ من تلك الألفاظ الخاصّة متصوّرا إجمالا في ضمن الأمر العامّ الملحوظ للواضع حين وضعه النوعي كان كلّ من معانيها متصوّرة على سبيل الإجمال أيضا ، لكن الوضع المتعلّق بتلك الجزئيّات إنّما تعلّق بكلّ منها بالنظر إلى معناه المختصّ به حسب ما مرّ في بيان الوضع النوعي ، فلفظة «ضارب» إنّما وضعت في ضمن ذلك الوضع لخصوص من قام به الضرب ، ولفظة «عالم» لخصوص من قام به العلم ... وهكذا ، فينحلّ الوضع المذكور إلى أوضاع شتّى متعلّقة بألفاظ متعدّدة لمعان مختلفة ، فالوضع المتعلّق بكلّ لفظ من تلك الألفاظ إنّما هو لما يقابله من المعنى ، فالمعنى الملحوظ في وضع كلّ منها عامّ والموضوع له أيضا ذلك المعنى لا خصوص جزئيّاته ، فملاحظة ما يعمّ خصوص كلّ من تلك المعاني حين الوضع إنّما هي من جهة ملاحظة ما يعمّ مخصوص كل واحد من تلك الألفاظ المتعيّنة بإزاء كلّ منها ، فحيث لم يلحظ لفظا مخصوصا لم يلحظ هناك معنى خاصّا. وأمّا إذا لوحظ كلّ لفظ منها بإزاء ما يخصّه من المعنى كان كلّ من الوضع والموضوع له بالنسبة إليه عامّا بتلك الملاحظة التي هي المناط في وضع كلّ من تلك الألفاظ بحسب الحقيقة.
فإن قلت : إنّ شيئا من تلك المعاني الخاصّة لم يلحظ حين الوضع بخصوصه ، وإنّما الملحوظ هو مفهوم من قام به مبدؤه ، وهو أمر عامّ شامل للجميع فكيف يتصوّر القول بكون كلّ من المعاني الخاصّة ملحوظة للواضع؟
قلت : إنّ كلّا من تلك المعاني وإن لم يكن ملحوظا بنفسه لكنّه ملحوظ بما يساويه ويساوقه ، فإنّ مفهوم من قام به مبدؤه إذا لوحظ بالنظر إلى خصوص كلّ واحد من الألفاظ المختلفة في المبادئ كقائم وقاعد ونائم ونحوها انطبق على المفهوم المراد من كلّ واحد منها من غير أن يكون أعمّ منه ، فلا يكون المعنى الملحوظ في وضع كلّ من تلك الألفاظ لمعناه ما يعمّ ذلك المعنى وغيره وإن لم