المركّب ـ كما في شرح التلخيص ـ ليست على ما ينبغي ، إلّا أن يبنى على كون المناط في استعمال اللفظ في المعنى كونه مرادا من اللفظ ابتداء وإن اريد الانتقال منه إلى غيره ، وقد عرفت ما فيه.
ويمكن تصحيحه : بأنّ المجاز في المفرد هو الكلمة المستعملة في غير ما وضع له ، بأن يكون ذلك المعنى قد استعملت فيه الكلمة ابتداء ، أو كان ذلك مقصودا منها بالواسطة ، والمفروض انتفاء الأمرين في المقام ، فتكون مستعملة في الموضوع له مندرجة في الحقيقة ، فالتجوّز هنا إنّما يكون بالنسبة إلى المعنى التركيبي المتحصّل من أوضاع المفردات لا باستعمال المجموع فيه ابتداء ، إذ قد عرفت أنّه غير متصوّر في المقام بل الانتقال (١) إليه من المعنى المذكور حسب ما مرّ ، وحينئذ فيكون التجوّز في المعنى التركيبي خاصّة وإن لم نقل بثبوت وضع خاصّ بالنسبة إليه ، فحيث لم يكن الانتقال إليه إلّا بملاحظة المعنى المركّب من غير ملاحظة لخصوص كلّ من مداليل المفردات كان التجوّز في المركّب وإن كان فيه خروج عن مقتضى أوضاع المفردات أيضا ، إلّا أنّ ذلك إنّما هو بالنسبة الى المجموع دون كلّ واحد منها ليكون من المجاز في المفرد.
وفيه : أنه ليس المقصود الأصلي من كلّ واحد من تلك الألفاظ إفادة معناه الحقيقي قطعا ، فلا تكون مندرجة في الحقيقة ، فلا بدّ من إدراجها في المجاز لكون المقصود بكل منها إفادة غير الموضوع له ولو كان ذلك بملاحظة المعنى الذي يراد من جميع تلك الألفاظ ، فعدم قصد خصوص معنى مجازيّ من كلّ واحد من تلك الألفاظ لا ينافي كونها مجازات مستعملة في غير ما وضعت له إذا كان المقصود من الجميع غير الموضوع له ، لظهور صدق كون المقصود من كلّ منها غير ما وضع له وإن كان في ضمن الكلّ.
فظهر بما ذكرنا أنّ المجاز في المركّب يستلزم المجاز في المفرد على النحو المذكور وإن لم يستلزم استعمال كلّ واحد من المفردات في معنى مجازي
__________________
(١) كما هو أحد الوجهين في المجاز في المفرد كما عرفت. (منه رحمهالله).