بجواز تأخيره عن ذلك جوازه كلّيا كما نصّوا عليه ويأتي في محلّه الإشارة إليه إن شاء الله.
فإن قلت : إنّ استعماله حينئذ في ذلك من دون اقتران القرينة في المقام المفروض كاف في الدلالة على الحقيقة ، فلا حاجة إلى ملاحظة الاطّراد ، وذلك بنفسه أمارة على الحقيقة كما مرّت الإشارة إليه.
قلت : قد يعرف المقام المفروض بالخصوص ويرى استعماله فيه على النحو المذكور ، فيمكن استنباط ثبوت الوضع له من ذلك من دون حاجة إلى ملاحظة غيره إذا كان المستعمل ممّن يعتدّ بشأنه ، وقد لا يعلم خصوص المقام ولا خصوص المستعمل فيعرف من اطّراد استعماله في المقامات على النحو المذكور وروده في المقام المفروض في الجملة من غير استنكار له في العرف ، فلا مانع من اعتباره أمارة مستقلّة بملاحظة ذلك وإن اتّحد الوجه في استفادته منه في المقامين والظاهر أنّه بهذا المعنى ممّا لا ينبغي الخلاف فيه ؛ لوضوح كونه من خواصّ الحقيقة سواء قلنا بكون القرينة مصحّحا لاستعمال المجاز ، أو قلنا بأنّ المصحّح له وجود العلاقة ، والمقصود منها مجرّد الإفهام. فتأمل في المقام.
هذا ، وأمّا دلالة عدم الاطّراد بالوجه المتقدّم على المجاز فقد أثبتها كثير من الاصوليين منهم : الآمدي والحاجبي والعضدي وشيخنا البهائي.
ونفاها العلّامة رحمهالله في النهاية ؛ نظرا إلى عدم اطّراد بعض الحقائق كما سيجيء الإشارة إليه ، واختاره بعض الأفاضل من المعاصرين ، إلّا أنّه ذهب إلى حصول الاطّراد في المجازات على نحو الحقائق ولم يفسّر العلامة المذكورة على وجهها ، وسنورد بعض ما ذكره في بيانها.
وظاهر بعض الأعلام التوقّف فيه.
وذهب بعض آخر إلى كونه دالّا على نفي الوضع النوعي خاصّة ، فلا يفيد نفي الأوضاع الشخصيّة سواء كان الوضع فيها عامّا أو خاصّا والموضوع له عامّا أو خاصّا.