وقد يتخيّل بعض الوجوه للمنع من إرادة ما يزيد على الوجه الواحد في بعض الصور المذكورة ، لكنّه لا ينهض حجّة على المنع.
نعم ، ظاهر المحاورات يأبى عنه كمال الإباء ، والظاهر أنّه لا مجال للتأمل في المنع منه، وذلك من الشواهد على المنع من استعمال المشترك أيضا ، كما مرّت الإشارة اليه.
ثانيها : أنّ إرادة الظاهر والباطن من القرآن ليست من قبيل استعمال المشترك في أزيد من معنى ، لما هو ظاهر من عدم كون البطون ممّا وضع اللفظ بإزائها ليكون اللفظ مشتركا لفظيا بين الظاهر والباطن ، فذلك أشبه باستعمال اللفظ في حقيقته ومجازه إن كان الظاهر معنى حقيقيا ، وفي مجازيه إن كان مجازيا ، إلّا أنّ الظاهر أنّه ليس من ذلك القبيل أيضا ؛ إذ كثير من البطون المذكورة في الروايات ليس بينها وبين المعنى الظهري مناسبة بيّنة يصحّح استعمال اللفظ فيها بحسب المتعارف في المحاورات.
والظاهر أنّ إرادة البطون مبنية على مراتب اخر عدا الأوضاع اللغوية شخصية كانت أو نوعية بمعناها الأخصّ أو الأعمّ ، وإنما هي مبنية على إشارات لا يعرفها إلّا الراسخون في العلم ، فلا دلالة في إرادة امور عديدة من الآيات الكريمة على الوجه المذكور على جواز استعمال اللفظ في الحقيقتين أو الحقيقة والمجاز ، أو المجازين كما قد يتوهم في المقام.
ثالثها : أنّ الخروج عن مقتضى اللغة قد يكون باللحن في أصل الكلمة أو في عوارضها ولواحقها الطارئة ، كالإعراب والتقديم والتأخير والوقف بالحركة والوصل بالسكون بناء على المنع منهما بحسب اللغة.
وقد يكون بالخروج عن القواعد الكلّية المقرّرة في اللغة ممّا لا يتعلّق
__________________
ـ ما بني عليه الاستدلال المذكور ، وإنما جعل الملفوظ في بعض الوجوه المفروضة إشارة الى لفظين متعددين ، واريد بكلّ منهما معناه بعد جعل اللفظ كلمة مستقلة في أحد وجهيه وجزء من آخر في الوجه الآخر ، كما في بعض آخر من الوجوه المذكورة ، فتأمّل. (منه رحمهالله).