من اتّحادهما بالذات واختلافهما بالاعتبار من خرافات الأشاعرة ، ليس على ما ينبغي.
والظاهر أنّ ما ذكره مبني على أخذ الوجوب بمعنى رجحان الفعل مع المنع من الترك ، وقد عرفت أنّ المراد به في المقام غير ذلك.
وربما يظهر تغايرهما حقيقة من المحقّق (١) في المعارج وغيره. وبما ذكرنا يظهر الجواب عن الإيراد الخامس.
قوله : (وفاقا لجمهور الاصوليّين)
وقد عزي ذلك الى المحقّقين ، وعزاه في النهاية الى أكثر الفقهاء وجماعة من المتكلّمين، وفي الإحكام الى الفقهاء وجماعة من المتكلّمين ، والعضدي الى الجمهور ، وحكي القول به عن كثير من العامّة والخاصّة منهم : الشيخ والفاضلان والشهيدان وكثير من المتأخّرين ، والشافعي في إحدى النسبتين إليه ، وأبو الحسين البصري والحاجبي والعضدي والرازي ، والغزّالي في إحدى الحكايتين عنه ، وغيرهم.
قوله : (وقيل : في الطلب)
وهو الجامع بين الوجوب والندب ، وقد يجعل أعمّ من الإرشاد أيضا حسب ما يستفاد من الإحكام حيث جعل مفهوم الطلب شاملا للثلاثة ، وفرّق بين الندب والإرشاد بأنّ الندب ما كان الرجحان فيه لأجل مصلحة اخروية ، والإرشاد ما كانت المصلحة فيه دنيوية ، إلّا أنّه لم ينقل فيه قولا بوضع الصيغة للأعمّ من الثلاثة ، وقد وافقه على الفرق المذكور غيره أيضا ، ولا يخلو ما ذكر عن تأمّل.
والمعروف جعل الطلب قدرا مشتركا بين الوجوب والندب ، وذلك هو الأظهر ؛ إذ الظاهر أنّ المقصود من الإرشاد هو بيان المصلحة المترتّبة من دون حصول اقتضاء هناك على سبيل الحقيقة فهو إبراز للمصلحة المترتّبة على الفعل بصورة الاقتضاء.
__________________
(١) حيث جعل القول بالإيجاب مقابلا للقول بالوجوب ، ويظر ذلك أيضا من السيّد العميدي وقد نصّ على أنّ اتحاد الإيجاب والوجوب في الحقيقة إنّما يتمّ على مذهب الأشاعرة فيما سيجيء تتمّة لهذا الكلام إن شاء الله. (منه عفي عنه).