حاصل في الواجب فكذا في المندوب ، ضرورة عدم استحباب الإتيان بغير المقدور فهو أعمّ من الوجوب والندب ، ولذا أجاب الآمدي عنه على الوجه المذكور حيث قال : «إنّه لا يلزم من قوله : ما استطعتم تفويض الأمر الى مشيّتنا فإنّه لم يقل ما شئتم بل قال : ما استطعتم وليس ذلك خاصّة الندب فإنّ كلّ واجب كذلك» انتهى. وحينئذ فلا وجه لكون ذلك معنى الوجوب.
وأجاب عنه القطبي بأنّ المراد بالمعنى لازمه ، فالمراد بكون الردّ الى الاستطاعة معنى الوجوب أنّه لازم معناه ، لا أنّه عينه.
قلت : فيتّجه به العبارة المذكورة حيث إنّ ظاهرها بيّن الفساد ، ضرورة أنّ الردّ الى الاستطاعة ليس عين الوجوب فيصحّ الحكم المذكور ، حيث إنّ اللازم قد يكون أعمّ.
لكنك خبير ببعد التوجيه المذكور عن ظاهر العبارة ، فإنّ غاية ما يحتمله العبارة كون ذلك من روادفه ولوازمه المساوية ، وحينئذ يندفع عنه ما قد يورد عليه من أنّ الردّ الى الاستطاعة ليس عين الوجوب ، والإيراد المذكور باق على حاله.
وربما يوجّه ذلك بأنّ تعليق الإتيان به على الاستطاعة يدلّ على أنّه لا يسقط منا إلّا ما لا استطاعة لنا فيه ، فيفيد الوجوب.
وهو أيضا كما ترى ، فإنّ المعلّق على الاستطاعة قوله : «فأتوا» فإن اريد به الوجوب صحّ ما ذكر ، وإلّا فلا يتمّ ؛ إذ لا يزيد ذلك على إفادة عدم سقوط المندوب مع الاستطاعة.
وقد يوجّه إذن بابتناء ذلك على كون لفظ «الأمر» مفيدا للوجوب فردّه الى الاستطاعة حينئذ محقّق لإرادة الوجوب بخلاف ما لو ردّ الى المشيّة ، كما ادّعاه المستدلّ لدلالته على عدم إرادة الوجوب من الأمر ، كذا يستفاد من كلام بعض الأفاضل.
قوله : (وفيه نظر)