ولنفصّل الكلام فيه ببيان الحال في عدّة من المقامات ، فنقول : إنّ ما يتعلّق به الأمر المفروض قد يكون عين ما تعلّق النهي به ، وقد يكون جزئيا من جزئياته.
وعلى كلّ من الوجهين إمّا أن يكون ما تعلّق الأمر به ممّا يريده المكلّف ويرغب اليه ، أو لا يكون كذلك بل يكون تركه أرغب للنفس كالجهاد في الغالب ، وعلى كلّ حال فإمّا أن يكون المنع المتعلّق بالفعل عامّا لسائر الأفراد والأحوال فيرد الأمر المفروض عليه ويكون رافعا لحكم المنع بالنسبة الى ما تعلّق به ، أو يكون الحكم بالحظر مخصوصا بالحال الأوّل أو بفرد مخصوص من غير أن يشمل الحال أو الفرد الّذي امر به ، ومنه النهي المتعلّق بالجهاد في الأشهر الحرم والأمر المتعلّق به بعد ذلك.
ويمكن أن يقال بخروج الوجه الأخير عن موضع المسألة.
ثمّ إمّا أن يكون حكمه الثابت له قبل الحظر هو الوجوب ، أو الندب ، أو الإباحة ، أو الكراهة ، أو ممّا لم يصرّح بحكمه في الشرع ويكون باقيا على مقتضى حكم العقل فيه ، وعلى غير الوجه الأخير فإمّا أن يكون ثبوت ذلك الحكم له في الشرع على وجه الإطلاق بالنسبة الى الأزمان والأحوال والأفراد أو على سبيل الشمول للجميع فيندرج فيه الحال أو الفرد الّذي تعلّق الأمر به مع شمول الحظر الوارد عليه لما تعلّق الأمر به بعده وعدمه ، أو لا يكون كذلك بل يختصّ بالحال السابق أو خصوص بعض الأفراد ممّا عدا ما تعلّق النهي أو الأمر به بعد ذلك مع ورود أحدهما على مورد الآخر وعدمه.
وأنت خبير باختلاف فهم العرف حسب اختلاف تلك المقامات ففي بعضها لا يستفاد من الأمر إلّا الإذن في الفعل ورفع الحظر الحاصل مع اختلاف الفهم وضوحا وخفاء بحسب اختلاف بعض الأحوال المذكورة وغيرها ، وفي بعضها يستفاد منه الوجوب مع اختلاف الحال فيه أيضا ، وفي بعضها يؤخذ بالحكم السابق ، وفي بعضها يتوقف عن الحكم ولا يظهر منه أحد الوجوه.
ولا يبعد خروج بعض تلك الصور عن محلّ الكلام ، وملاحظة التفاصيل