كان المنقول من كلامهم في المقام غير واف (١) بذلك.
والمحكي عن جماعة آخرين كونه حقيقة في الأعمّ من الأمرين.
وقد ذكر للجانبين حجج معظمها في غاية الوهن ، ويجري الوجهان المذكوران فيما سوى الوجوب التخييري من سائر أقسام الوجوب ممّا لا ينصرف اليه الإطلاق.
وبعد ما عرفت ما هو الحقّ في المقام لا حاجة الى إطالة الكلام في المرام.
هذا ، وما ذكرناه من الانصراف كما يجري في صيغة الأمر وما بمعناه كذا يجري في لفظ «الوجوب» وما يؤدّي مؤدّاه إذا تعلّق بفعل من الأفعال.
وأمّا إذا ثبت وجوب شيء بالعقل أو الإجماع ودار بين وجهين أو وجوه من المذكورات فالظاهر البناء على الوقف ، إذ لا ترجيح لأحد الوجوه في حدّ ذاته ، ولا إطلاق حينئذ ليؤخذ بمقتضاه ، ويرجع حينئذ في العمل الى الاصول الفقهية.
فمع الدوران بين الوجوب التعييني والتخييري يؤخذ بالأوّل ، لحصول اليقين بالبراءة بأداء ذلك الفعل دون غيره ، وكذا مع الدوران بين العيني والكفائي.
ومع الدوران بين الوجوب المطلق والمشروط لا يحكم بالوجوب إلّا مع حصول الشرط ، وقد ينزّل على ذلك ما يحكى عن السيّد من القول بمكافئة احتمالي الوجوب المطلق والمشروط عند عدم دليل على التعيين ، ولا يحكم حينئذ بالوجوب إلّا مع حصول الشرط كما سيجيء الإشارة اليه إن شاء الله.
ومع الدوران بين الوجوب النفسي والغيري لا يحكم بالوجوب إلّا على نحو ما يقتضيه البناء على وجوبه للغير ، إذ لا إطلاق في المقام فيقتصر فيما خالف الأصل على القدر المتيقّن ، لكن لا يجري عليه حكم الواجب الغيري من البناء
__________________
(١) حيث عزي اليهم القول بدلالة الأمر على الوجوب العيني بالدلالة اللفظية وأنّ دلالته عليه كدلالة تعليق الحكم على الشرط على نفي الحكم عن غير المنطوق ، ودلالة الأمر بالشيء على النهي عن ضدّه العامّ ، ودلالة ذلك على كون الصيغة موضوعة لخصوص الوجوب العيني محلّ نظر ، فتأمّل. (منه رحمهالله).