في المقتضي ، ولكن لا بدّ لنا من التحقيق في ملاك بناء العقلاء في التمسّك بالاستصحاب وما هو الملاك في الروايات.
والمستفاد من الأخبار الواردة في الباب أنّ تمام الملاك هو «اليقين بالحالة السابقة والشكّ في اللاحقة» ، ولا دخل لأيّ خصوصيّة اخرى ـ كالظنّ والاطمئنان بالبقاء وأمثال ذلك ـ في حكم عدم جواز النقض ؛ فهذا حكم تعبّدي ، كما عرفت أنّ العلم بالحالة السابقة غير كاشف عن الحالة اللاحقة.
وأمّا الملاك للعمل بالاستصحاب عند العقلاء فهو الوثوق والاطمئنان ببقاء الحالة السابقة فقط ، وهذا الوثوق يوجب رجوع الإنسان بل الحيوان إلى منزله ومأواه ، ولعلّ منشأ هذا الوثوق عبارة عن ندرة تحقّق الرافع ، كما أنّ منشأ الوثوق في أصالة السلامة ندرة تحقّق العيب في الأشياء وغلبة سلامتها ، كما قال به استاذنا السيّد الإمام قدسسره (١).
مع أنّ ندرة تحقّق الرافع في الامور الشرعيّة لا يخلو من مناقشة ، فإنّ قابليّة البقاء والدوام لا يكون مستلزما للبقاء خارجا وواقعا وندرة تحقّق الرافع ؛ إذ الطهارة ـ مثلا ـ قابلة للدوام والاستمرار إلى يوم القيامة ، ولكن كثرة نواقضه خارجا ليس قابلا للإنكار. نعم ، هذا المعنى في مثل الدار صحيح.
والحاصل : أنّ نظارة الروايات ببناء العقلاء ـ بعد الاختلاف في المناط ـ ليس بتامّ ولا فرق بين قوله : «ليس ينبغي» بعد كونه بمعنى الحرمة وعدم الجواز ، وقوله «لا تنقض اليقين» ، فهذا التقريب لاختصاص الروايات في الشكّ في الرافع ليس بصحيح.
فالمستفاد من الرواية الصحيحة اعتبار الاستصحاب في جميع أبواب الفقه
__________________
(١) الاستصحاب : ٣٨.