سنخ من الأحكام التكليفيّة أو الوضعيّة أو قسم ثالث غيرهما.
وقال المحقّق النائيني رحمهالله : وقد شنّع على القائل بذلك بأنّ الصوم والصلاة والحجّ ليست من مقولة الحكم ، فكيف تكون من الأحكام الوضعيّة؟ ولكن يمكن توجيهه بأنّ عدّ الماهيّات المخترعة الشرعيّة من الأحكام الوضعيّة إنّما هو باعتبار كونها مركّبة من الأجزاء والشرائط والموانع ، وحيث كانت الجزئيّة والشرطيّة والمانعيّة من الأحكام الوضعيّة فيصحّ عدّ جملة المركّب من الأحكام الوضعيّة ، وليس مراد القائل بأنّ الماهيّات المخترعة من الأحكام الوضعيّة كون الصلاة ـ مثلا ـ بما هي هي حكما وضعيّا ، فإنّ ذلك واضح الفساد لا يرضى المنصف أن ينسبه إلى من كان من أهل العلم (١).
وأجاب عنه استاذنا السيّد الإمام قدسسره : بأنّ الماهيّة المخترعة كالصلاة قبل تعلّق الأمر بها وإن لم تكن من الأحكام الوضعيّة ، لكنّها لم تكن قبله من الماهيّات المخترعة أيضا ؛ لعدم كونها حينئذ من المقرّرات الشرعيّة ، وإنّما تصير مخترعات شرعيّة بعد ما قرّرها الشارع في شريعته بجعلها متعلّقة للأوامر ، وحينئذ تصير كالجزئيّة والشرطيّة والمانعيّة للمأمور به من الأحكام الوضعيّة.
ولا فرق بين الجزئيّة والكلّيّة في كونهما أمرين منتزعين عن تعلّق الأمر بالطبيعة ، فيكون نحو تقرّرهما في الشريعة بكونهما منتزعين من الأوامر المتعلّقة بالطبائع المركّبة ، فمن جعل الجزئيّة للمأمور به من الأحكام الوضعيّة مع اعترافه بكونها انتزاعيّة ، فليجعل الكلّيّة أيضا كذلك.
وعلى هذا فلا مانع من جعل الماهيّات الاختراعيّة من الأحكام الوضعيّة ، أي من المقرّرات الشرعيّة والوضعيّات الإلهيّة ، ولكن إطلاق الحكم عليها
__________________
(١) فوائد الاصول ٤ : ٣٨٥.