التبعي والانتزاع عن تعلّق الأمر بالمركّب.
والتحقيق : أنّ ادّعاء الانحصار ليس بصحيح ؛ إذ يمكن جعل الجزئيّة والشرطيّة مستقلّا بدون الأمر بالمركّب ، كما إذا قال رسول الله صلىاللهعليهوآله بعد قوله تعالى : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) : «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب» ، و«لا صلاة إلّا بطهور» ، ومعناه أنّ فاتحة الكتاب جزء من الصلاة ، وأنّ الطهور شرط لها ، ولا شبهة أنّ هذا الجعل استقلاليّ.
كما أنّه يدلّ قوله تعالى : (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ)(١) على أنّه تعالى جعل استقبال المسجد الحرام شرطا للصلاة بالجعل الاستقلالي ، ولا يكون من قبيل نسخ حكم الصلاة رأسا وإبداء حكم آخر وجعل شرطيّة الاستقبال تبعا له ، بل كان الجعل متعلّقا به بالاستقلال ، وهكذا في باب المانعيّة والقاطعيّة لا مانع من قول الشارع بدليل مستقلّ ـ بعد الأمر بالصلاة ـ إنّي جعلت الحدث قاطعا للصلاة مثلا.
وأمّا بالنسبة إلى القسم الثالث فكان لنا كلامان : الكلام الأوّل : ما هو الجواب عمّا ذكره الشيخ الأنصاري ـ بعد قوله بانتزاعيّة جميع الأحكام الوضعيّة من الأحكام التكليفيّة ، وأنّ الملكيّة تنتزع من جواز التصرّف المترتّب على عقد البيع ، وهكذا في باب الزوجيّة والحريّة والرقّيّة وأشباه ذلك ـ (٢) وأنّ مراده إن كان امتناع اعتبار الملكيّة والزوجيّة مستقلّا عند الشارع والعقلاء ، فنقول : أيّ دليل دلّ على امتناع اعتبارها كذلك؟
وإن كان مراده مخالفة ظاهر الأدلّة لهذا المعنى فنقول : إنّ ظاهر الأدلّة
__________________
(١) البقرة : ١٤٤.
(٢) فرائد الاصول ٣ : ١٢٥ ـ ١٢٧.