موافق له ، كقوله : «من حاز ملك» (١) ، وقوله : «من أحيا أرضا ميتة فهي له» (٢) ، والظاهر منهما جعل الملكيّة مستقلّة ، وهكذا في سائر العقود والإيقاعات إذا قلنا : «يجوز للزوج النظر إلى زوجته» فلازم تأخّر الحكم عن موضوعه اعتبار الزوجيّة قبله ، وهكذا في قاعدة «الناس مسلّطون على أموالهم» لا بدّ من اعتبار الملكيّة وفرض الأموال التي هي ملك لهم ، ثمّ الحكم بتسلّطهم عليها ، فالإنصاف بيننا وبين وجداننا ـ بعد ملاحظة الأدلّة ـ يقتضي أنّ الجعل الاستقلالي لها غير قابل للإنكار.
الكلام الثاني : ما هو الجواب عمّا ذكره المحقّق الخراساني قدسسره ـ بعد قوله بأنّ السببيّة للسبب أمر ذاتي له ، بلا فرق بين الأحكام التكليفيّة والوضعيّة ، فلا تكون قابلة للجعل والعناية ، كعدم قابليّة جعل الزّوجيّة للأربعة (٣) ـ وأنّ السبب الشرعي غير السبب التكويني ، ومعنى قولنا : «عقد النكاح سبب للزوجيّة» هو اعتبار الزوجيّة عقيب العقد ، وأنّ الشارع جعل العقد موضوعا لاعتبار الزوجيّة ، لا أنّه يتحقّق في باطن العقد خصوصيّة واقعيّة تترشّح منها الزوجيّة كترشّح الحرارة من النار ، وهكذا في قولنا : «عقد البيع سبب للملكيّة».
وقد اتّضح إلى هنا أنّ الأحكام الوضعيّة على قسمين : قسم منها قابل للجعل الاستقلالي ، وقسم منها منتزع من تعلّق الأمر بالمقيّد بالأمر الوجودي ، كقوله : «صلّ مع الطهارة» أو بالأمر العدمي ، كقوله : «لا تصلّ في وبر ما لا يؤكل
__________________
(١) لم نعثر على هذه الجملة في روايات الخاصّة والعامّة.
(٢) الوسائل ٢٥ : ٤١٢ ، الباب ١ من أبواب إحياء الموات ، الحديث ٤.
(٣) كفاية الاصول ٢ : ٣٠٣.