شرعيّة ظاهريّة ، كما هو ظاهر الأصحاب ، ووجه الذبّ بذلك : أنّ الحكم الواقعي الذي هو مؤدّى الطريق حين الشكّ محكوم بالبقاء ، فتكون الحجّة على ثبوته حجّة على بقائه تعبّدا ؛ للملازمة بين بقائه وثبوته واقعا.
إن قلت : كيف وقد اخذ اليقين بالشيء في التعبّد ببقائه في الأخبار ولا يقين في فرض تقدير الثبوت؟
قلت : نعم ، ولكنّ الظاهر أنّه اخذ كشفا عن الحكم الواقعي ومرآتا لثبوته ليكون التّعبّد في بقائه ، والتعبّد مع فرض ثبوته إنّما يكون في بقائه ، فافهم» (١).
ويرد عليه : أوّلا : لزوم التهافت بين ما اختاره في التنبيه الأوّل من اعتبار فعليّة الشكّ واليقين في الاستصحاب ، وبين ما اختاره في التنبيه الثاني من الاكتفاء في صحّة الاستصحاب بالشكّ في بقاء شيء على تقدير ثبوته وإن لم يحرز ثبوته ، كما ذكره استاذنا السيّد الإمام قدسسره (٢).
وثانيا : أنّ اليقين في قوله : «لا تنقض اليقين بالشكّ» طريقيّ بلحاظ المتعلّق والمتيقّن ، وموضوعيّ بلحاظ حكم «لا تنقض» كموضوعيّته في قولنا : «اليقين حجّة عقلا» ، فلا ينافي مرآتيّة اليقين وكاشفيّته مع موضوعيّته بلحاظ حكم عدم النقض ، والمفروض قوام الاستصحاب باليقين والشكّ واعتبار فعليّتهما ، فلا بدّ من طريق آخر لحلّ الإشكال.
وقال المحقّق النائيني رحمهالله وبعض تلامذته في مقام الجواب عن الإشكال : إنّ معنى جعل حجّيّة الأمارات هو جعل الأمارات من أفراد العلم في عالم الاعتبار ، فيكون اليقين حينئذ فردان : اليقين الوجداني ، واليقين الجعلي الاعتباري ، فكما لو علمنا بحكم من الأحكام ، ثمّ شككنا في بقائه نرجع إلى
__________________
(١) كفاية الاصول ٢ : ٣٠٩ ـ ٣١٠.
(٢) الاستصحاب : ٧٩.