الاستصحاب ، كذلك إذا قامت الأمارة أو الطريق على ثبوت حكم أو موضوع ذي حكم ثمّ شكّ في بقائهما لا مانع من استصحاب بقاء مؤدّى الطريق والأمارة (١).
وفيه : أنّ اعتبار الطرق والأمارات عند الشارع كثيرا ما يكون من باب التصويب وإمضاء ما هو معتبر عند العقلاء ، وذكرنا في باب حجّيّة خبر الواحد أنّ أدلّ دليل على حجّيّته هو عدم ردع الشارع بناء العقلاء في العمل بخبر الثقة ، وبعد الرجوع إلى العقلاء نستكشف أنّ خبر الثقة طريق غير علميّ جعل حجّة على الواقع ، بمعنى المنجّزيّة على تقدير الإصابة والمعذّريّة على تقدير المخالفة للواقع ، كما أنّ القطع طريق إلى الواقع بل على رأس الطرق وحجّة عقلا ، كذلك خبر الثقة طريق إليه وحجّة شرعا وعقلاء في مورد فقد القطع واليقين ، فإنّ انحصار الطريق باليقين يوجب المعضلات والمشكلات في مسائل الفرد والمجتمع ولا يكون عندهم مؤدّى الطرق والأمارات المتيقّن التعبّدي في مقابل المتيقّن الوجداني ، ولا يكون مفاد خبر الثقة بنجاسة الثوب ـ مثلا ـ هو القول ب : أنّي أراك متيقّنا بالنجاسة وأنت عالم في عالم الاعتبار» ، وهكذا في سائر الأمارات والطرق.
والتحقيق في الجواب : أنّ إضافة النقض إلى اليقين في قوله : «لا تنقض اليقين بالشكّ» تكون بلحاظ الإبرام والاستحكام المتحقّق فيه ، وهذا الاستحكام لا يرتبط به بما أنّه صفة قائمة بالنفس ، فإنّه ربّما يزول عن النفس سريعا بخلاف الشكّ ، بل يرتبط بالمتيقّن والكشف عنه كأنّه يراه بالعيان ، وملاك الاستحكام عبارة عن حجّيّة القطع ، فهو بلحاظ حجّيّته واجد للاستحكام والإبرام ،
__________________
(١) فوائد الاصول ٤ : ٤٠٤ ، مصباح الاصول ٣ : ٩٩.