كان الأثر للكلّى فيجري الاستصحاب فيه ، مثاله المعروف : ما إذا علمنا بوجود زيد في الدار ، فنعلم بوجود الإنسان فيها ، ثمّ شككنا في خروج زيد عنها ، فنشكّ في بقاء الإنسان فيها ، فلا إشكال في جريان الاستصحاب ببقائه إذا كان له أثر ، وجريان الاستصحاب في الفرد والكلّي تابع للأثر ، إذا كان الأثر للفرد يجرى الاستصحاب فيه ، وإذا كان الأثر للكلّي يجري الاستصحاب فيه ، وما يستفاد من عبارة الكفاية (١) من التخيير في إجراء الاستصحاب في الكلّي والفرد ليس بصحيح إلّا في الآثار المشتركة ؛ لمغايرتهما عند العرف وإن كان وجود الكلّي عين وجود أفراده عند أهل المنطق والفلسفة.
القسم الثاني : ما إذا علمنا بوجود الكلّي في ضمن فرد مردّد بين متيقّن الارتفاع ومتيقّن البقاء ، كما إذا علمنا بوجود إنسان في الدار مع الشكّ في كونه زيدا أو عمروا ، مع العلم بأنّه لو كان زيدا فهو خارج يقينا ، ولو كان عمروا فهو باق يقينا ، ومثاله في الحكم الشرعي : ما إذا رأينا رطوبة مشتبهة بين البول والمني ، فتوضّأنا ، فنعلم أنّه لو كان الحدث الموجود هو الأصغر فقد ارتفع ، ولو كان هو الأكبر فقد بقي ، وكذا لو اغتسلنا في المثال فنعلم أنّه لو كان الحدث هو الأكبر فقد ارتفع ، وإن كان هو الأصغر فقد بقي ؛ لعدم ارتفاعه بالغسل ، فنجري الاستصحاب في الحدث الجامع بين الأكبر والأصغر ـ أي الكلّي ـ ونحكم بترتّب أثره ، كحرمة مس كتابة القرآن وعدم جواز الدخول في الصلاة ، ولا يجري استصحاب الفرد ، فإنّ أحد الفردين متيقّن الارتفاع والآخر متيقّن البقاء.
واستشكل صاحب الكفاية رحمهالله بعنوان التّوهّم في جريان الاستصحاب في
__________________
(١) الكفاية ٢ : ٣١١.