هذا القسم : بأنّ الاستصحاب فيه وإن كان جاريا في نفسه لتماميّة موضوعه من اليقين والشكّ ، إلّا أنّه محكوم بأصل سببيّ ، فإنّ الشكّ في بقاء الكلّي مسبّب عن الشكّ في حدوث الفرد الطويل ، والأصل عدمه ، ففي المثال يكون الشكّ في بقاء الحدث مسبّبا عن الشكّ في حدوث الجناية ، فتجري أصالة عدم حدوث الجناية ، وبانضمام هذا الأصل إلى الوجدان يحكم بارتفاع الحدث ، فإنّ الحدث الأصغر مرتفع بالوجدان ، والحدث الأكبر منفيّ بالأصل.
ثمّ أجاب عنه بجوابين : الأوّل : بأنّ الشكّ في بقاء الكلّي ليس مسبّبا عن الشكّ في حدوث الفرد الطويل ، بل مسبّب عن الشكّ في كون الحادث طويلا أو قصيرا ، وبعبارة اخرى : الشكّ في بقاء الكلّي مسبب عن الشكّ في خصوصيّة الفرد الحادث ، وليس له حالة سابقة حتّى يكون موردا للأصل ، فتجري فيه أصالة عدم كونه طويلا ، فما هو مسبوق بالعدم ـ وهو حدوث الفرد الطويل ـ ليس الشكّ في بقاء الكلّي مسببا عنه ، وما يكون الشكّ فيه مسببا عنه ـ وهو كون الحادث طويلا ـ ليس مسبوقا بالعدم حتّى يكون موردا للأصل.
الثاني : أنّ بقاء الكلّي عين بقاء الفرد الطويل ، فإنّ الكلّي عين الفرد ، لا أنّه من لوازمه ، فلا تكون هناك سببيّة ومسبّبيّة (١).
وكان لاستاذنا السيّد الإمام قدسسره هنا إشكال مهمّ من حيث العلم لا العمل ، وهو قوله : «لكنّ الإنصاف أنّه لو اغمض النظر عن وحدتهما عرفا ، فلا يمكن التخلّص من الإشكال ، سواء اريد إجراء استصحاب الكلّي المعرّى واقعا عن الخصوصيّة أو استصحاب الكلّي المتشخص بإحدى الخصوصيّتين ـ أي
__________________
(١) الكفاية ٢ : ٣١١ ـ ٣١٢.