الإجمالي فإنّه يخرج المورد عن مجراها ، فلا يبقى مجال للتمسّك بالعلم الإجمالي لاعتبار وجوب الفحص في جريانها ، كما لا يخفى ، ولكن حيث إنّه وقع موردا للنقض والإبرام بين الأعلام فلا مانع من التعرّض لحاله بما يسعه المقام ، فنقول :
قد نوقش في الاستدلال بالعلم الإجمالي لوجوب الفحص ، تارة بأنّه أخصّ من المدّعى ؛ لأنّ المدّعى هو وجوب الفحص والاستعلام في كلّ مسألة تعمّ بها البلوى ، وكل مورد يرجع إلى البراءة ، وهذا الاستدلال إنّما يوجب الفحص قبل استعلام جملة من الأحكام بمقدار يحتمل انحصار المعلوم بالإجمال فيه ؛ لانحلال العلم الإجمالي بذلك ، لا زائدا من هذا المقدار.
واخرى بأنّه أعمّ من المدّعى ؛ لأنّ المدّعى هو الفحص عن الأحكام في خصوص ما بأيدينا من الكتب ، والمعلوم بالإجمال معنى أعمّ من ذلك ؛ لأنّ متعلّق العلم هي الأحكام الثابتة في الشريعة واقعا ، لا خصوص ما بأيدينا ، والفحص فيما بأيدينا من الكتب لا يرفع أثر العلم الإجمالي ، بل العلم باق على حاله ، ولو بعد الفحص التامّ عمّا بأيدينا.
هذا ، وأجاب المحقّق النائيني رحمهالله عن المناقشة الاولى بأنّ استعلام مقدار من الأحكام يحتمل انحصار المعلوم بالإجمال فيها لا يوجب انحلال العلم الإجمالي ؛ لأنّ متعلّق العلم تارة يتردّد من أوّل الأمر بين الأقل والأكثر ، كما لو علم بأنّ في هذا القطيع من الغنم موطوء ، وتردّد بين كونه عشرة أو عشرين ، واخرى : يكون المتعلّق عنوانا ليس بنفسه مردّدا بين الأقلّ والأكثر من أوّل الأمر ، بل المعلوم بالإجمال هو العنوان بماله في الواقع من الأفراد ، كما لو علم بموطوئيّة البيض من هذا القطيع ، وتردّدت البيض بين كونها عشرا أو عشرين ، ففي