الأوّل ينحلّ العلم الإجمالي ، وفي الثاني لا ينحلّ ، بل لا بدّ من الفحص التامّ عن كلّ ما يحتمل انطباق العنوان المعلوم بالإجمال عليه ؛ لأنّ العلم الإجمالي يوجب تنجيز متعلّقه بما له من العنوان.
ففي المثال : العلم الإجمالي تعلّق بعنوان البيض بما له من الأفراد في الواقع ، فكلّ ما كان من أفراد البيض واقعا قد تنجّز التكليف به ، ولازم ذلك هو الاجتناب عن كلّ ما يحتمل كونه من أفراد البيض ، والمقام من هذا القبيل ؛ لأنّ المعلوم بالإجمال في المقام هي الأحكام الموجودة فيما بأيدينا من الكتب ، فقد تنجّزت بسبب هذا العلم الإجمالي جميع الأحكام المثبتة في الكتب ، ولازم ذلك هو الفحص التامّ عن جميع الكتب التي بأيدينا ، ولا ينحلّ العلم الإجمالي باستعلام جملة من الأحكام يحتمل انحصار المعلوم بالإجمال فيها.
ألا ترى أنّه ليس للمكلّف الأخذ بالأقلّ لو علم باشتغال ذمّته لزيد بما في الطومار ، وتردّد ما في الطومار بين الأقلّ والأكثر ، بل لا بدّ له من الفحص التامّ في جميع صفحات الطومار ، كما عليه بناء العرف والعقلاء ، وما نحن فيه يكون بعينه من هذا القبيل.
وعن المناقشة الثانية بأنّه وإن علم إجمالا بوجود أحكام في الشريعة أعمّ ممّا بأيدينا من الكتب ، إلّا أنّه يعلم إجمالا أيضا بأنّ فيما بأيدينا من الكتب أدلّة مثبتة للأحكام مصادفة للواقع بمقدار يحتمل انطباق ما في الشريعة عليها ، فينحلّ العلم الإجمالي العامّ بالعلم الإجمالي الخاص ، ويرتفع الإشكال بحذافيره ويتمّ الاستدلال لوجوب الفحص ، فتدبّر جيّدا (١). انتهى.
وأورد استاذنا السيّد الإمام رحمهالله عليه : ـ أوّلا : أنّ ما ذكره من الفرق في
__________________
(١) فوائد الاصول ٤ : ٢٧٩ ـ ٢٨٠.