الزمان والحركة ممّا يكون واحدا عقلا وعرفا وإن كانت وحدته وبقاؤه بعين تصرّمه وتقضّيه ، كصوت ممتدّ مثل الرعد وأمثاله.
ومنها : ما تكون وحدته وبقاؤه بنحو من الاعتبار ، مثل ما فرضه الشيخ الأنصاري قدسسره بالنسبة إلى الزمان والزمانيّات مطلقا.
ولعلّ هذا الاعتبار محتاج إليه في هذا القسم ، وهو مثل التكلّم وقرعات النبض والساعة ، [والصلاة المركّبة من المقولات المختلفة].
ولا إشكال في جريان الاستصحاب في الأوّل منها ، سواء جرى في الزمان والحركة أم لا ، والقسم الثاني حاله حال نفس الزمان والحركة ، وقد عرفت جريانه فيهما من غير احتياج إلى الاعتبار الذي اعتبره الشيخ الأعظم.
والقسم الثالث أسوأ حالا من الزمان والحركة ، وإن كان الأقوى جريانه فيه أيضا ؛ لمساعدة العرف في صدق البقاء ، وأنّ رفع اليد عنه هو نقض اليقين بالشكّ ، وهذا ممّا لا شبهة فيه ، لكنّ الظاهر أنّه من قبيل القسم الثاني من القسم الثالث من الكلّي» (١).
وقد عرفت أنّ القسم الثاني منه ما إذا علمنا بوجود زيد في الدار وخروجه منها ، واحتمال دخول عمرو فيها مقارنا لخروج زيد منها ، وقلنا بجريان استصحاب كلّي الإنسان فيه دون استصحاب الفرد ، وهكذا في ما نحن فيه ، فإنّ التكلّم في مجلس وعظ واحد عبارة عن وجودات وأفراد متعدّدة من التكلّم ، وفي صورة الشكّ في بقاء واعظ في حال التكلّم وعدمه علمنا بتحقّق أفراد من التكلّم وانعدامها ، ونحتمل تحقّق أفراد اخرى من طبيعة التكلّم مقارنة لانعدامها ، فنستصحب بقاء كلّي التكلّم دون بقاء الأفراد ؛ لترتّب الأثر
__________________
(١) الاستصحاب : ١١٩.