مثلا : لو ورد : «أنّ الماء البالغ حدّ الكرّ لا ينجّسه شيء» ، و«أنّ العصير المغلي يحرم» يحكم العقل بأنّ الماء إذا بلغ قد كرّ لا ينجّسه شيء ، وأنّ العصير إذا غلى يحرم ، لكن ليس هذا من التعليق الشرعي ، بل هو تعليق عقليّ يدركه العقل من القضيّة المنجّزة. وهذا التعليق قد يكون في الأحكام كما عرفت ، وقد يكون في الموضوعات ، كما يحكم بأنّ الماء إذا بلغت مساحته ثلاثة أشبار ونصفا طولا وعرضا وعمقا فهو كرّ ، ويحكم على الماء الناقص عن الكرّ بمنّ بأنّه إذا زيد عليه منّ يصير كرّا ، وهذا تعليق عقلي في الموضوع ، كما أنّ ما مرّ تعليق عقلي في الحكم ، ويمكن أن يقع التعليق في الموضوع في كلام الشارع ويرجع إلى التعبّد بوجود موضوع الحكم على تقدير كذائي وترتيب آثاره عليه على فرض تحقّقه.
الرابع : إذا اخذ عنوان في موضوع حكم يكون ظاهرا في الفعليّة ، فإذا قيل : «الكرّ معتصم» و«المستطيع يجب عليه الحجّ» يكون ظاهرا في أنّ الكرّ الفعلي معتصم ، والمستطيع الفعلي يجب عليه الحجّ وهكذا ، وهذا واضح.
لكن يقع الكلام في قوله : «لا تنقض اليقين بالشكّ» أنّ الميزان فعليّة اليقين والشكّ ، أو فعليّة المتيقّن؟ فعلى الأوّل لا ينظر إلى المتيقّن هل هو متحقّق فعلا أم لا ، بخلاف الثاني.
وقد مرّ الكلام فيه سابقا ، وقلنا : إنّ الحقّ ـ بحسب النظر إلى أدلّة الاستصحاب ، ومناسبة الحكم والموضوع ، وأنّ اليقين لإبرامه لا ينقض بالشكّ ؛ لعدم إبرامه ـ أنّ الموضوع هو نفس اليقين والشكّ بما أنّ اليقين طريق وكاشف ، فلا يعتبر فيه إلّا فعليّة الشكّ واليقين.
نعم ، لا بدّ وأن يكون المستصحب ممّا يترتّب على التعبّد به أثر عملي ، فلو