التّنجز بالنسبة إلى جميع الأفراد الواقعيّة لذلك العنوان يصير القسم الأوّل أيضا كالقسم الثاني في عدم الانحلال ، بل أولى منه ؛ لأنّ العنوان فيه يكون متعلّقا للحكم الشرعى بخلاف القسم الثاني.
وثالثا : أنّ ما أجاب به عن المناقشة الثانية لا يتمّ بناء على مذهبه من أنّ المقام من قبيل القسم الثاني من العلم الإجمالي ؛ لأنّ العلم الإجمالي العامّ تعلّق بعنوان «ما في الكتب» أعمّ من الكتب التي بأيدينا ، أو بعنوان «ما في الشريعة» وقد فرض أنّ تعلّقه به يوجب تنجّزه بجميع أفراده الواقعيّة ، ولا يعرض له الانحلال وإن تردّد بين الأقلّ والأكثر ، كما هو غير خفي.
ثمّ إنّ مثال الطومار الذي ذكره لا يكون مرتبطا بالمقام ؛ لأنّ وجوب الفحص التامّ في جميع صفحات الطومار ليس من آثار العلم الإجمالي باشتغال ذمّته لزيد ، بل يجب الفحص فيها ولو بدون العلم الإجمالي وكون الشبهة بدوية ، كما سيأتي أنّ هذا المحقّق يلتزم بوجوب الفحص في مثل المثال ولو مع عدم العلم الإجمالي ، فتدبّر جيّدا (١). انتهى كلامه رفع مقامه.
ولكن الجواب عن هذا الوجه ما ذكرناه من عدم ارتباطه بالمقام ، وبحث شرائط جريان البراءة خارج عن دائرة العلم الإجمالي.
والحاصل : أنّ قاعدة قبح العقاب بلا بيان قاعدة عقليّة لا تجري مع عدم الفحص ، فالصحيح الاستدلال لذلك بحكم العقل بوجوب الفحص وعدم حكمه بقبح العقاب قبل المراجعة إلى مظانّ ثبوت التكليف وبيانه ، ومع ذلك لا مجال لدعوى الإجماع القطعي على وجوبه ؛ ضرورة أنّه على تقدير ثبوته لا يكون حجّة بعد قوّة احتمال أن يكون مستند الجمعين هو هذا الحكم العقلي
__________________
(١) معتمد الاصول ٢ : ٣١١ ـ ٣١٢.