ممتدّا إلى وقت معيّن ، وعليه فالشكّ في النسخ شكّ في سعة المجعول وضيقه من جهة احتمال اختصاصه بالموجودين في زمان الحضور.
وكذا الكلام في أحكام الشرائع السابقة ، فإنّ الشكّ في نسخها شكّ في ثبوت التكليف بالنسبة إلى المعدومين ، لا شكّ في بقائه بعد العلم بثبوته ، فإنّ احتمال البداء مستحيل في حقّه تعالى ، فلا مجال حينئذ لجريان الاستصحاب».
ثمّ قال : «وتوهّم أنّ جعل الأحكام على نحو القضايا الحقيقيّة ينافي اختصاصها بالموجودين مدفوع بأنّ جعل الأحكام على نحو القضايا الحقيقيّة معناه عدم دخل خصوصيّة الأفراد في ثبوت الحكم ، لا عدم اختصاص الحكم بحصّة دون حصّة ، فإذا شككنا في أنّ المحرّم هو الخمر مطلقا أو خصوص الخمر المأخوذ من العنب كان الشكّ في حرمة الخمر المأخوذ من غير العنب شكّا في ثبوت التكليف ، ولا مجال لجريان الاستصحاب معه.
والمقام من هذا القبيل ، فإنّا نشكّ في أنّ التكليف مجعول لجميع المكلّفين أو هو مختصّ بمدركي زمان الحضور ، فيكون احتمال التكليف بالنسبة إلى غير المدركين شكّا في ثبوت التكليف لا في بقائه».
ثمّ قال : «فالتحقيق : أنّ هذا الإشكال لا دافع له ، وأنّ استصحاب عدم النسخ ممّا لا أساس له ، فإن كان لدليل الحكم عموم أو إطلاق يستفاد منه استمرار الحكم فهو المتّبع وإلّا فإن دلّ دليل من الخارج على استمرار الحكم ـ كقوله عليهالسلام : «حلال محمّد صلىاللهعليهوآله حلال إلى يوم القيامة ، وحرامه حرام إلى يوم القيامة» ـ فيؤخذ به ، وإلّا فلا يمكن إثبات الاستمرار باستصحاب عدم النسخ (١).
__________________
(١) مصباح الاصول ٣ : ١٤٨ ـ ١٤٩.