وجوابه : سلّمنا أنّ النسخ في الحقيقة دفع ، وهو عبارة عن انتهاء أمد الحكم ، لا أنّه رفع استمرار الحكم ، وسلّمنا أنّه لا مجال لاستصحاب أحكام الشرائع السابقة في زماننا هذا ، ولكن يمكن جريان استصحاب عدم النسخ في الشريعة المقدّسة ويتصوّر هذا على قسمين:
الأوّل : لو فرضنا أنّ شخصا أدرك رسول الله صلىاللهعليهوآله وعاش في زمانه ـ مثلا ـ وعمل بالأحكام الشرعيّة ، ثمّ سافر إلى بلاد بعيدة ، وحصل له الشكّ بعد مدّة في أنّ حكم كذا الذي كان مورد عمله إلى الآن هل انتهى أمده أم لا؟ ومعلوم أنّه لا ملجأ له سوى استصحاب عدم النسخ.
الثاني : أنّ حكم كذا ومفاد آية كذا التي يكون عنوانها «الذين آمنوا» ولم يصرّح من حيث الدليل بتوقيته ، إن شككنا في زماننا هذا في انتهاء أمده ونسخه في زمان رسول الله صلىاللهعليهوآله فأيّ مانع يمنع من استصحاب عدم نسخه؟ فالظاهر أنّه لا مانع من جريان استصحاب عدم النسخ في شريعتنا ، كما أنّه عند الشيخ والمحقّق الخراساني قدسسرهما وسائر المحقّقين مفروغ عنه.
وأمّا الإشكال الثاني على استصحاب عدم النسخ المختصّ باستصحاب أحكام الشرائع السابقة ، فهو ما يستفاد من كلام المحقّق النائيني رحمهالله من أنّ تبدّل الشريعة السابقة بالشريعة اللاحقة إن كان بمعنى نسخ جميع أحكام الشريعة السابقة ـ بحيث لو كان حكم في الشريعة اللاحقة موافقا لما في الشريعة السابقة لكان الحكم المجعول في الشريعة اللاحقة مماثلا للحكم المجعول في الشريعة السابقة لا بقاء له ـ فيكون مثل إباحة شرب الماء الذي هو ثابت في جميع الشرائع مجعولا في كلّ شريعة مستقلّا ، غاية الأمر أنّها أحكام متماثلة ، فعدم جريان الاستصحاب عند الشكّ في النسخ واضح ؛ للقطع بارتفاع جميع أحكام