الشريعة السابقة ، فلا يبقى مجال للاستصحاب. وإن كان تبدّل الشريعة بمعنى نسخ بعض أحكامها لا جميعها فبقاء الحكم الذي كان في الشريعة السابقة وإن كان محتملا إلّا أنّه يحتاج إلى الإمضاء في الشريعة اللاحقة ، ولا يمكن إثبات الإمضاء باستصحاب عدم النسخ إلّا على القول بالأصل المثبت (١).
وجوابه : أنّ نسخ جميع أحكام الشريعة السابقة وإن كان مانعا عن جريان استصحاب عدم النسخ إلّا أنّ الالتزام به بلا موجب ، فإنّه لا داعي إلى جعل إباحة شرب الماء ـ مثلا ـ في الشريعة اللاحقة مماثلة للإباحة التي كانت في الشريعة السابقة ، والنبوّة ليست ملازمة للجعل ، فإنّ النبيّ هو المبلّغ للأحكام الإلهيّة.
وأمّا ما ذكره من أنّ بقاء حكم الشريعة السابقة يحتاج إلى الإمضاء في الشريعة اللاحقة فهو صحيح ، إلّا أنّ نفس أدلّة الاستصحاب كافية في إثبات الإمضاء ، وليس التمسّك به من التمسّك بالأصل المثبت ، فإنّ الأصل المثبت فيها إنّما هو إذا وقع التعبّد بما هو خارج عن مفاد الاستصحاب.
وفي المقام نفس دليل الاستصحاب دليل على الإمضاء ، فكما لو ورد دليل خاصّ على وجوب البناء على بقاء أحكام الشريعة السابقة إلّا فيما علم النسخ فيه يجب التعبّد به ، فيحكم بالبقاء في غير ما علم نسخه ، ويكون هذا الدليل الخاصّ دليلا على الإمضاء.
فكذا في المقام أدلّة الاستصحاب تدلّ على وجوب البناء على البقاء في كلّ متيقّن شكّ في بقائه ، سواء كان من أحكام الشريعة السابقة أو من أحكام هذه الشريعة المقدّسة أو من الموضوعات الخارجيّة ، فلا إشكال في
__________________
(١) فوائد الاصول ٤ : ٤٨٠.