لجريان الاستصحاب في شيء من الإنائين ؛ لأنّ كلّ واحد منهما يحتمل أن يكون هو الإناء الذي انتقض العلم بنجاسته بالعلم بطهارته.
وأمّا الصورة الثانية فحكمه بعدم جريان الاستصحاب فيها ليس مبنيّا على احتمال انفصال زمان الشكّ عن زمان اليقين بيقين آخر ـ كما في الصورة الاولى والثالثة ـ فإنّ الشكّ في بقاء النجاسة في كلّ منهما متّصل باليقين بالنجاسة ، ولم يتخلّل بين زمان اليقين وزمان الشكّ يقين آخر ، والعلم الإجمالي بطهارة أحدهما لا بعينه يكون منشأ للشكّ في بقاء النجاسة في كلّ منهما ، بخلاف الصورة الاولى والثالثة ، فإنّ منشأ الشكّ في بقاء النجاسة فيهما هو اجتماع الإنائين واشتباه الطاهر بالنجس ، لا العلم بطهارة أحدهما ، فإنّ متعلّق العلم كان معلوما بالتفصيل أو بالعنوان ، فحكمه بعدم جريان الاستصحاب في الصورة الثانية مبنيّ على أنّ العلم الإجمالي بنفسه مانع عن جريان الاستصحاب ، ولو لم تلزم منه مخالفة عمليّة قطعيّة. هذا ملخّص مختاره رحمهالله (١).
وجوابه : أوّلا : ما ذكرناه في جواب صاحب الكفاية رحمهالله من أنّ المندرج في معنى الشبهة المصداقيّة ارتباط أحد طرفي الاحتمال بالعنوان المأخوذ في الدليل ، وهذا لا يتحقّق في دليل الاستصحاب ، فإنّا نعلم بطهارة أحد الإنائين بالعلم التفصيلي ولكنّه اشتبه علينا بغيره في الصورة الاولى ، فيكون أحد الإنائين معلوم الطهارة والآخر معلوم النجاسة ، ففي كليهما يتحقّق نقض اليقين باليقين ، إمّا بالوفاق وإمّا بالخلاف ، ولا يصدق في أيّ من الطرفين نقض اليقين بالشكّ ، فكيف تتصوّر الشبهة المصداقيّة لقوله : «لا تنقض اليقين بالشكّ»؟
وثانيا : أنّه لا يعتبر في الاستصحاب كون اليقين سابقا على الشكّ ، بل يمكن
__________________
(١) فوائد الاصول ٤ : ٥١٠ ـ ٥١٥.