حكم غير مرتبط بالآخر امتثالا ومخالفة كوجوب الصوم ثلاثين يوما ، كما أنّ الأمر في الأفراد العرضيّة كذلك ، فإنّه إذا قال المولى : «أكرم العلماء كلّ يوم» ـ مثلا ـ يكون الحكم متعدّدا بتعدّد أفراد العلماء الموجودين في زمان واحد ، ولكلّ حكم إطاعة ومعصية ، وامتثال ومخالفة.
واخرى يكون على نحو العموم المجموعي ، ويكون هناك حكم واحد مستمرّ كوجوب الإمساك من طلوع الفجر إلى المغرب ، فإنّه لا يكون وجوب الإمساك تكليفا متعدّدا بتعدّد آنات هذا اليوم ، فإن كان العموم من القسم الأوّل فالمرجع بعد الشكّ هو العموم ؛ لأنّه بعد خروج أحد الأفراد عن العموم لا مانع من الرجوع إليه لإثبات الحكم لباقي الأفراد.
وإن كان من القسم الثاني فالمرجع هو الاستصحاب ؛ لأنّ الحكم واحد على الفرض وقد انقطع يقينا ، وإثباته بعد الانقطاع يحتاج إلى دليل ، ومقتضى الاستصحاب بقاء حكم المخصّص ، هذا ملخص كلامه رحمهالله (١).
وذكر صاحب الكفاية رحمهالله أنّ مجرّد كون العموم الأزماني من قبيل العموم المجموعي لا يكفي في الرجوع إلى الاستصحاب ، بل لا بدّ من ملاحظة الدليل المخصّص أيضا ، فإنّ أخذ الزمان فيه بعنوان الظرفيّة كما أنّه بطبعه ظرف لما يقع فيه كالمكان ، فلا مانع من التمسّك بالاستصحاب ، وإن كان الزمان مأخوذا على نحو القيديّة فلا يمكن التمسّك بالاستصحاب ؛ لأنّه مع فرض كون الزمان قيدا للموضوع يكون إثبات الحكم في زمان آخر من إسراء حكم ثابت لموضوع إلى موضوع آخر ، وهو قياس محرّم ، فلا بدّ من الرجوع ، إلى أصل آخر من البراءة أو الاشتغال حسبما يقتضيه المقام.
__________________
(١) فوائد الاصول ٢ : ٨٠٠.