وثانيا : أنّ العمل المأتي به إن كان متّصفا بالصحّة لا يتصوّر وجه للحكم باستحقاق العقوبة.
وثالثا : على فرض قبول استحقاق العقوبة في صورة الالتفات في خارج الوقت لا وجه له في صورة الالتفات في الوقت ، وتمكّنه من إتيان المأمور به كما هو.
وأجاب صاحب الكفاية رحمهالله عن الإشكال الأوّل بأنّ صحّة العبادة لا يحتاج إلى الأمر ، بل اشتمالها على المصلحة التامّة اللازمة الاستيفاء يكفي للحكم بالصحّة وإن كانت فاقدة للأمر لجهة ، كما في عدم تعلّق الأمر بالصلاة مكان الإزالة بلحاظ أهمّيّتها وعدم نقصان الصلاة من حيث الاشتمال على المصلحة ، بخلاف ما يقول به القائل بالتّرتّب ، من تعلّق الأمر المطلق بالإزالة والأمر المشروط بالعصيان أو نيّة العصيان بالصلاة ، فالمأتي به يكون صحيحا بلحاظ اشتماله على المصلحة التامّة اللازمة الاستيفاء ، وعدم تعلّق الأمر به بل بالمأمور به يكون بلحاظ اشتماله على المصلحة الزائدة (١).
ويرد عليه : أنّ الإتيان بالمصلحة الزائدة هل يكون راجحا أم لازما؟ فإن كان راجحا فلا بدّ أن يكون المأتي به أيضا مأمورا به بصورة الواجب التخييري ، لا كونه خارجا من دائرة الأمر والمأمور به ، وإن كان لازما لا بدّ للمكلّف من استيفائها إذا التفت إليها في الوقت.
ويمكن الجواب عنه : بأنّها لازمة الاستيفاء إلّا أنّ المكلّف بعد الإتيان بالمأتي به لا يكون قادرا على استيفائها لتحقّق التضادّ بين المأتي به والمأمور به ، غاية الأمر أنّ التضادّ قد يكون محسوسا كالصلاة والإزالة ، وقد يكون
__________________
(١) كفاية الاصول ٢ : ٢٦١.