بوجود زيد في السابق ثمّ شككنا في بقائه فلا يجري استصحاب بقاء الوجود ؛ لعدم إحراز الموضوع خارجا ، وإن كان بقاؤه محرزا فلا يبقى شكّ في البين ، ففي صورة الشكّ في الوجود لا يجري الاستصحاب.
الثاني : أنّ الشيخ الأنصاري رحمهالله بعد ملاحظة ورود هذا الإشكال على القول الأوّل اختار قولا آخر ، وهو أنّ المراد ببقاء الموضوع في الزمان اللاحق هو معروض المستصحب ، فإذا اريد استصحاب قيام زيد أو وجوده فلا بدّ من تحقّق زيد في الزمان اللاحق على النحو الذي كان معروضا في السابق ، سواء كان تحقّقه في السابق بتقرّره ذهنا أو بوجوده خارجا ، فزيد معروض للقيام في السابق بوصف وجوده الخارجي ، وللوجود بوصف تقرّره ذهنا لا وجوده الخارجي (١).
ويرد عليه : أوّلا : أنّ الوجود الذهني والوجود الخارجي متضادّان غير قابلين للاجتماع ، فلا يعقل أن يكون الموجود الذهني مع وصف وجوده في الذهن متحقّقا في الخارج ، وهكذا في الموجود الخارجي ، فلا يعقل أنّ تكون قضيّة «زيد موجود» بمعنى «زيد المتقرّر في الذهن موجود في الخارج» فإنّه ممتنع وبديهي البطلان ، بل الموضوع فيها هو ذات زيد مع قطع النظر عن إضافته إلى الوجودين الذهني والخارجي ، نظير قضيّة «الماهيّة موجودة» ؛ فإنّ الموضوع فيها نفس الماهيّة وذاتها مع قطع النظر عن الوجود الذهني والخارجي ، فليسأل عن الشيخ رحمهالله أنّه بعد اعتبار إحراز بقاء الموضوع في الاستصحاب ما معنى إحراز بقائه في قضيّة «زيد موجود؟» هذا أوّلا.
وثانيا : أنّ المستفاد من كلام الشيخ رحمهالله أنّ المستصحب في قضيّة «زيد قائم»
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٨٠٨ ـ ٨٠٩.