يرتفع موضوع الدليل ، كما إذا قال : «الماء المتغيّر نجس» وعلمنا بوجود الماء المتغيّر بلحاظ الملاقاة مع النجس في الخارج ، ثمّ زال تغيّره من قبل نفسه بعد مضي الأيّام ، وشككنا في بقاء نجاسته ، فلا إشكال في قصور الدليل الواقعي عن شمول غير العنوان المأخوذ في موضوعه لتغيّر موضوعه ، فلا يمكن التمسّك بالدليل المذكور لإثبات حكم النجاسة له.
ولو بنينا على أخذ موضوع القضيّة المتيقّنة والمشكوكة من الدليل لا يجري الاستصحاب أيضا لتغيّر الموضوع وعدم اتّحاد القضيّة المتيقّنة والمشكوكة.
وأمّا لو كان الاتّحاد بنظر العرف فجريانه ممّا لا مانع منه ؛ لأنّ هذا الماء كان معلوم النجاسة ، وزوال تغيّره من قبل نفسه ليس مغيّرا له إلّا في حاله وعرضه ، فيصير محكوما بالنجاسة بالاستصحاب ؛ لعدم الاختلاف بين القضيّة المشكوكة والمتيقّنة عرفا.
والمستفاد من كلام صاحب الكفاية رحمهالله أنّ موضوع الدليل قد يكون بحسب المتفاهم العرفي عنوانا ، ولكنّ أهل العرف يتخيّلون بحسب ارتكازهم ومناسبات الحكم والموضوع أنّ الموضوع أعمّ من ذلك ، لكن لا بحيث يصير ذلك الارتكاز وتلك المناسبة موجبين لصرف الدليل عمّا هو ظاهره المفهوم عرفا ، كما إذا دلّ الدليل على أنّ العنب إذا غلى يحرم ، وفهم العرف منه أنّ الموضوع هو العنب بحسب الدليل ، لكن يتخيّل بحسب ارتكازه تخيّلا غير صارف للدليل أنّ الموضوع أعمّ من الزبيب وأنّ العنبيّة والزبيبيّة من حالاته المتبادلة ، بحيث لو لم يكن الزبيب محكوما بما حكم به العنب يكون عنده من ارتفاع الحكم عن موضوعه.
فالفرق بين أخذ الموضوع من العرف وبين أخذه من الدليل بحسب ما ذكر