التعارض بين الاستصحابين إن كان لعدم إمكان العمل بهما بدون علم بانتقاض الحالة السابقة في أحدهما ، كاستصحاب وجوب أمرين حدث بينهما التضادّ في زمان الاستصحاب ، فهو من باب تزاحم الواجبين والحكم فيهما التخيير ، مثل : إنقاذ الغريقين.
وإن كان مع العلم بانتقاض الحالة السابقة في أحدهما ، فتارة لا تكون بين الشكّين السببيّة والمسببيّة ، كما إذا علمنا بإصابة النجاسة بأحد الإنائين ، فإنّ جريان الاستصحاب في كلّ منهما معارض لجريانه في الآخر ؛ للعلم الإجمالي بنجاسة أحدهما.
واخرى يكون الشكّ في مستصحب ، أحدهما مسبّبا عن الشكّ في مستصحب الآخر ، كالشكّ في نجاسة الثوب المغسول بماء مشكوك الطهارة وقد كان طاهرا ، ومعلوم أنّ استصحاب الطهارة في الماء معارض مع استصحاب نجاسة الثوب ولكنّه مقدّم عليه بالتقدم الشرعي.
وقد تكون السببيّة عاديّة كالشكّ في نبات لحية زيد الناشئ عن الشكّ في بقاء حياته ، وتعارض استصحاب بقاء حياته مع استصحابه عدم نبات لحيته ، وتقدّم استصحاب بقاء الحياة عليه تقدّم عادي.
وقد تكون السببيّة عقليّة كالشكّ في تحقّق الحرارة الناشئ من الشكّ في بقاء النار ، وتعارض استصحاب عدم تحقّق الحرارة مع استصحاب بقاء النار ، وتقدّم استصحاب بقاء النار عليه تقدّم عقلي ، فلا بدّ لنا من البحث في جميع هذه الصور.
وأمّا البحث فيما كانت السببيّة بينهما سببيّة شرعيّة فالمستفاد من الكلمات تحقّق الاتّفاق بين المحقّقين في تقدّم الاستصحاب في الشكّ السببي على